أسدا» أي أنت أسد. ويجوز أن تكون ابتدائية على معنى هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا لا في الأمور الدنيوية من الجاه والمال والجمال بل في الأمور الأخروية من الطاعة والصلاح. عن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله. وعن ابن عباس : هو الولد إذا رآه يكتب الفقه. وقيل : سألوا أن يلحق الله عزوجل بهم أولادهم وأزواجهم في الجنة ليتم لهم سرورهم. وتنكير أعين إما لأنه أراد أعينا مخصوصة هي أعين المتقين ولهذا اختير جمع القلة لأن أعين المتقين قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ : ١٣] وإما لأجل تنكير القرة فإن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه أي هب لنا منهم سرورا وفرحا. قال الزجاج : يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما يحبه. وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال أحدها : برد دمعها لأنه دليل السرور والضحك كما أن حره دليل الحزن والغم. والثاني قرتها أن تكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن. والثالث حصول الرضا. وقوله (إِماماً) في معنى الجمع اكتفى به لدلالته على الجنس ولعدم اللبس كما قال : (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧] أو أريد كل واحد منا أو اجعلنا إماما واحدا لاتحاد كلمتنا ، أو هو جمع آمّ كصائم وصيام وصاحب وصحاب. وقيل : في الآية دلالة على أن الرياسة يجب أن تطلب ويرغب فيها والأقرب أنهم سألوا الله أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي يشار إليهم ويقتدى بهم. ومن هنا فسره القفال بأن المراد اجعلنا حجة للمتقين. قالت الاشاعرة : الإمامة في الدين لا تكون إلا بالعلم والعمل فدل ذلك على أن العلم والعمل بل جميع أفعال العباد مخلوقة لله تعالى. وقالت المعتزلة : إنهم سألوا من الألطاف ما بها يختارون أفعال الخير إلى أن يصيروا أئمة. وأجيب بأن تلك الألطاف مفعولة لا محالة فيكون سؤالها عبثا. ثم بين جزاء عبادة العباد بقوله (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) أي الغرفات وهي العلاليّ في الجنة فوحد اكتفاء بالجنس. وقيل : الغرفة اسم للجنة. وقوله (بِما صَبَرُوا) أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات أو على أذى الكفار وضر الفقر وغير ذلك ولهذا أطلق إطلاقا ليشمل كل مصبور عليه. ثم بين بقوله (وَيُلَقَّوْنَ) أن تلك المنافع مقرونة بالتعظيم والتحية والدعاء بالتعمير ، والسلام دعاء بالسلامة من الآفات وهما من الملائكة أو من الله أو من بعضهم لبعض. ثم ذكر أنه غني عن طاعة الكل وأنه إنما كلفهم لينتفعوا بذلك. قال الخليل : ما أعبأ بفلان أي ما أصنع به كأنه يستقله ويستحقره ويدعي أن وجوده وعدمه سواء. وقال الزجاج : (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) يريد أيّ وزن يكون لكم عنده؟ والعبء الثقل ، و «ما» استفهامية أو نافية ، والدعاء إما مضاف إلى المفعول أي لو لا دعاؤه إياكم إلى الدين والطاعة ، وإما إلى