عليكم. فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو. أمّا بعد ، فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم ، وإجماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع ، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر. وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة (يوم التروية) ، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا ؛ فإنّي قادم عليكم في أيامي هذه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». ذكر الشيخ المفيد (ره) (١) قال : فأقبل قيس بن مسهر الصيداوي يجدّ السير حتّى إذا انتهى إلى القادسية (٢) ، وكان ابن زياد قد بلغه قدوم الحسين (عليه السّلام) إلى
__________________
(١) انظر الإرشاد ـ الشيخ المفيد (ره).
(٢) القادسية : قيل : سمّيت بقادس هراة. قال المدايني : كانت القادسية تسمّى قدّيساً. وروى أبو عينية قال : مرّ إبراهيم الخليل (عليه السّلام) بالقادسية فرأى زهرتها ، ووجد هناك عجوزاً ، فغسلت رأسه ، فقال : قُدّست من أرض ، فسمّيت القادسية.
وبهذا الموضع كانت وقعة القادسية بين المسلمين والفرس في أيام عمر بن الخطاب (رض) ، في سنة ستة عشر من الهجرة ، وقاتل المسلمون يومئذ وسعد بن أبي وقاص قائدهم في القصر ينظر إليهم ، فنُسب إلى الجبن ، فقال : رجل من المسلمين :
ألم ترَ أنّ اللهَ أنزل نصرهُ |
|
وسعدٌ ببابِ القادسيةِ معصمُ |
فاُبنا وقد أمّت نساءٌ كثيرةٌ |
|
ونسوةُ قيسٍ ليس فيهنَّ آيمُ |
والقادسية : قرية بها الإمام المستعين ، وبها الحارث بن مضرس ، وسعد بن عبيد. انظر الإشارات ـ علي بن أبي بكر الهروي (المتوفّى ٦١١) / ٨٤ ، طبع بحلب. والقادسية : مدينة على شفير البادية صغيرة ذات نخل ومياه ، ويزرع بها الرطاب الكثيرة ، ويتّخذ منه القت علفاً لجمال الحاج وغيرها ، وليس للعراق بعدها من ناحية البادية وجزيرة العرب ماء يجري ولا شجر. انظر صورة الأرض ـ لابن حوقل / ٢٤٠ ، طبع ليدن إلخ. ومن القادسية إلى الكوفة مرحلتان ، ومن القادسية إلى مدينة السلام (بغداد) أحد وستون فرسخاً ، ومن القادسية إلى العذيب ـ وهي أوّل خط البادية ـ ستة أميال. انظر نزهة المشتاق ـ الشريف الإدريسي ١ / ١٣٨ ، طبع أوربا. وقال عبد المؤمن : القادسية : قرية بالكوفة من جهة البرّ ، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال ، عندها كانت الوقعة العظمى بين المسلمين وفارس ؛ قُتل فيها أهل فارس وفتحت بلادهم على المسلمين. وكان سعد في قصر هناك هو وأهله ، وكان به دماميل قد منعته من الجلوس والركوب ، فكان في أعلى القصر منبطحاً على وجهه يُشرف عليهم ، وله تحت القصر مَنْ يبلغهم أمره وتدبيره لهم. انظر مراصد الإطلاع ـ فصي الدين عبد المؤمن ٢ / ٣٧٦٧ ، طبع أوربا.