أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه ، وقد أمر رسوله أن لا يفارقني حتّى أنفذ أمره. وأخذهم الحرّ بالنزول على غير ماء ولا في قرية ، فقالوا : دعنا ننزل في نينوى ، أو ننزل بالغاضرية ، أو شفية. فقال : لا أستطيع ، هذا الرجل قد بُعث عيناً عليَّ ، فقال زهير بن القين للحسين (عليه السّلام) : أنّه لا يكون والله بعد ما ترون إلاّ ما هو أشدّ منه يابن رسول الله ، أنّ قتال هؤلاء أهون علينا من قتال مَنْ يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قبل لنا به ، فهلم نناجز هؤلاء. فقال الحسين (عليه السّلام) : «إنّي أكره أن أبدأهم بالقتال». قالوا : وصار الحسين (عليه السّلام) يسأل عن اسم هذه الأرض.
فسألَ الحسينُ ما اسمُ هذهِ ال |
|
أرضِ فقالَ القومُ تُدعى نينوى |
(نينوى) : بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون ، بوزن طيطوى ، وهي قرية يونس بن متّى.
قال الحموي (١) : وبسواد الكوفة ناحية يُقال لها : نينوى ، منها كربلاء التي قُتل بها الحسين (عليه السّلام). ذكر ابن أبي طاهر أنّ الشعراء اجتمعوا بباب عبد الله بن طاهر فخرج إليهم رسوله ، وقال : مَنْ يضف إلى هذا البيت على حروف قافيته بيتاً؟ وهو :
لم يصح للبينِ منهم صردٌ |
|
وغرابٌ لا ولكن طيطوى |
فقال رجل من أهل الموصل :
فاستقلّوا بكرةً يقدمهمْ |
|
رجلٌ يسكنُ حصنَي نينوى |
فقال عبد الله بن طاهر للرسول : قل له تصنع شيئاً ، فهل عنده غيره؟ فقال أبو سناء القيسي :
وبنبطيَّ طفا في لجةٍ |
|
قالَ لمّا كظّه التغطيطُ وى |
فصوّبه ، وأمر له بخمسين ديناراً.
ونينوى تقع شرقي كربلاء ، وهي الآن سلسلة تلول أثرية ممتدّة منها ، من جنوب سدّة الهندية حتّى مصبّ نهر العلقمي في الأهوار ، وتعرف بتلول نينوى.
__________________
(١) انظر ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ـ ج ٨ ص ٣٦٨.