فقال الحسين (عليه السّلام) : «ما تريد؟». قال : أريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد الله. قال : «إذاً والله لا أتبعك». قال : إذاً والله لا أدعك ، فترادّا القول ثلاث مرّات ، فلمّا كثر الكلام بينهما قال له الحرّ : إنّي لم اُؤمر بقتالك ، إنّما اُمرت أن لا اُفارقك حتّى أقدمك الكوفة ، فإذا أبيت فخذ طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة ، فيكون بيني وبينك نصفاً حتّى أكتب إلى الأمير عبيد الله بن زياد ، فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلي بشيء من أمرك ؛ فخذ ها هنا. فتياسر عن طريق العذيب والقادسية. قال أرباب التاريخ : ثمّ سار الحسين (عليه السّلام) وجعل يسايره الحرّ وهو يقول له : يا حسين ، إنّي اُذكّرك الله في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ. فقال له الحسين (عليه السّلام) : «أفبالموت تخوفني؟! وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟! وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فخوّفه ابن عمّه ، وقال : أين تذهب فإنّك مقتول؟ فقال :
سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى |
|
إذا ما نوى حقّاً وجاهدَ مُسلما |
وواسى الرجالَ الصالحينَ بنفسِهِ |
|
وفارقَ مثبوراً وخالفَ مُجرما |
فإن عشتُ لم أندمْ وإن متُّ لم أُذمْ |
|
كفى بكَ فخراً أن تعيشَ وترغم» |
فلمّا سمع الحرّ منه ذلك تنحى عنه ، وصار يسير بأصحابه ناحية والحسين في ناحية حتّى وافى البيضة.
وحينَ بالبيضةِ حلّ وغدا |
|
يخطبُ بالجمعِ وكلّهم صغى |
فعندها نادوا جميعاً إنّنا |
|
نكونَ يومَ الملتقى لكَ الفدا |
أنتَ ابنُ بنت المصطفى وخيرُ مَنْ |
|
طافَ ببيتِ اللهِ طوعاً وسعى |
وخامسُ الأشباحِ مَنْ قد وجبتْ |
|
طاعتُه بأمرِ جبّارِ السما |
(البيضة) : موضع بين العذيب وواقصة في أرض الحزون من ديار بني يربوع