بموضع يعرف بالنقرة ، وفيها آبار ومصانع كالصهاريج العظام ، وجدنا أحدها مملوءاً بماء المطر فعمّ جميع المحلّة ، ولم ينضب على كثرة الاستماحة. قلت : ومنها سار الحسين (عليه السّلام) مجدّاً بسيره حتّى وافى الحاجر.
والحاجرُ المعروفُ منهُ سيّر ال |
|
رسولَ قَيساً ذاك رائدُ الهدى |
(الحاجر) : بالجيم والراء ، وهو لغة عند العرب ، ما يمسك الماء من شفة الوادي ، وكذلك الحاجور ، وهو فاعل ؛ موضع قرب معدن النقرة للقادم من العراق. وقال : دون فيد حاجر ، يروى عن كعب بن زهير بن أبي سلمى ، عن أبيه ، عن جدّه أنّ الحاجر كان اسمه (المنيفة) ، وأنه كان لغنى (١) فغلب عليه الحاجر ، وإنّما سمّته الحاجر غطفان منذ كان في أيام الجاهلية. وقال في ذلك الرجل من بني عبد الله بن عفان يُقال له : (سليل بن الحرث) : كانت له امرأة من بني سحيم بن عبد الله ، فكأنّهم اتّهموه أن يكون سبّ أصهاره فاعتذر من ذلك بقوله :
فمَنْ يذكر بلادَ بني سحيمٍ |
|
بمقليةٍ فلستُ لمَنْ قلاها |
همُ منعوا المنيفةَ من عليٍّ |
|
وحاجرَها وهم أحموا حماها |
وذكر ابن بليهد الحاجر قال : خرج وائل بن صريم اليشكري من اليمامة فقتلته بنو أسيد بن عمرو بن تميم ، وكانوا أخذوه أسيراً ، فجعلوا يغمسونه في الركية ويقولون :
يا أيّها الماتحُ دلوي دونكا |
|
إنّي رأيتُ الناسَ يحمدونكا |
حتّى قتلوه ، ثمّ غزاهم أخوه باعث بن صريم يوم حاجر ، وهو موضع بديارهم فقتل منهم مئة ، وقال :
سائل اُسيّدَ هل ثأرتُ بوائلٍ |
|
أم هل أتيتهمُ بأمرٍ مُبْرَمِ |
إذ أرسلوني ماتحاً لِدلائهم |
|
فملأتهنّ إلى العَراقي بالدمِ |
__________________
(١) غنى : قبيلة من قبائل العرب.