عليه ، فقال : أردت أن أريحه. ومن النقرة إلى الحاجر أربعة وثلاثون ميلاً. وذكر الرحالة ابن جبير قال : نزلنا الحاجر والماء فيه في مصانع ، وربّما حفروا عليه حفراً قريبة العمق يسمّونها أحفاراً ، واحدها حفرة ، وكنّا نتخوف في هذا الطريق قلّة الماء ، لا سيّما مع عظم هذا الجمع الأنامي ، والأنعامي الذين لو وردوا البحر لأنزفوه واستقوه. وذكر الخوارزمي : أنّه لمّا سار الحسين (عليه السّلام) من الحاجر انتهى إلى ماء من مياه العرب ، ولا أشك أنّه سميراء الذي وافاه بعد الحاجر.
وسارَ قاصداً سُميراء ومنْ |
|
ثَمّ أتى توزَ وفَيدَ ما عدا |
(سميراء) : بفتح أوّله وكسر ثانيه بالمدّ ، وقيل بالضم ، يسمّى باسم رجل من عاد يُقال له : (سميراء) ، وهو منزل بطريق مكة بعد توز مصعداً ، وقبل الحاجر. ومن سميراء إلى توز عشرين ميلاً. قال السكوني : حوله جبال وآكام سود ؛ بذلك سمّي سميراء ، وأكثر الناس يقولونه بالقصر. وقيل : هما موضعان المقصور منها هو الذي في طريق مكّة ، وليس فيه إلاّ الفتح. وفي حديث طليحة الأسدي لمّا ادّعى النبوّة أنّه عسكر بسميراء هذه بالمدّ (١). قال مطير بن أشيم الأسدي :
ألا أيّها الركبانُ إنّ أمامكمْ |
|
سميراءَ ماءٍ ريّهُ غيرُ مجهلِ |
رجالاً مفاجير الايور كأنّما |
|
تساقوا الى الجارات البان أيل |
وإنّ عليها إن مررتم عليهمُ |
|
اُبيّاً وآباءً وقيسَ بنَ نوفلِ |
وقال مرة بن عياش الأسدي :
جلت عن سميراءَ الملوكُ وغادروا |
|
بها شرُّ قنٍّ لا يضيف ولا يُقري |
هجينُ نميرٍ طالباً ومجاهداً |
|
بني كلّ زحّافٍ إلى عرنِ القدرِ |
فلو أنّ هذا الحيَ من آلِ مالكٍ |
|
إذاً لِمَ اُجلى عن عيالهما الخضرِ |
قال : والذين جلوا عن سميراء هم رهط العلاء بنو حبيب بن أسامة من أسد ، وصار فيها بنو حجران الذين هجاهم قبيلة من بني نضر. ومن الحاجر إلى سميراء ثلاثة وثلاثون ميلاً ، وثمّة برك وماء واسع ومزارع ، والماء
__________________
(١) ومثله ذكر عبد المؤمن مفتي الحنابلة بالشيرية. مراصد الاطلاع ٢ / ٥٣ ، طبع أوربا.