سنة ١٢٥١ ه وهي مملوءة من الهزل واللطائف الكثيرة البديعة. عاش بعدها مدة طويلة قضى غالبها في العراق ، وله احترام زائد في نفوس الأهلين ، ومكانة مقبولة من الجميع ، وبيته مجمع الأدباء. ونوادره وأقواله ولطائفه لا تحصى ، يحفظ البغداديون الكثير منها. وتتداولها الألسن ، ومن المؤسف أنها لم تدوّن ، وقد حصلت على رحلته المذكورة ولعلها كتبت بأمر منه. وذكر الأستاذ يعقوب سركيس مكاتبات بينه وبين والده نعوم سركيس ، محفوظة لديه وفيها من الأدب المفضوح ما يمنع من نشرها ولا تخلو من لطيفة دقيقة ، فهو هزلي لما يترك الهزل حتى أواخر أيامه (١).
وكل ما يقال إنه لا يضيع اللطيفة ولو في أحرج المواقف. وكان قصره وبستانه في گرارة (قرارة) ، ثم بيع إلى سماحة السيد إبراهيم سيف الدين الگيلاني نقيب أشراف بغداد بمبلغ ثمانية آلاف ليرة ذهبا.
وهنا لا نمضي حتى ندوّن بعض ما قيل فيه فقد جاء في (سياحت ژورنالي) ما ترجمته :
«كان من أمراء الهند المشاهير ، هاجر إلى بغداد منذ نحو ٥٠ سنة ، فاختار الإقامة فيها ، فكان من تفرعات سياحتي إلى بغداد مشاهدتي له ، فقد ذهبت إلى داره بجوار الباب الشرقي على ساحل دجلة صحبة متصرف المركز ناظم بك ، والدفتري حسن رضا أفندي ، فواجهته والتقيت به ، وكان شيخا تجاوز السبعين من عمره ولا يزال قوي الفكرة ، حسن الصحبة جيدا ، يتكلم باللطائف. ولا تحدّ ثروته ، أو لا يمكن إحصاؤها من النقود والمجوهرات ملء الصناديق. وله في مصرف إنكلترة مبلغ ٢٥ مليون ليرة ولكن بخله وإقتاره مشهور فلا يعرف أنه أنفق دراهم
__________________
(١) (سياحت جرنالي).