محمد آل جميل :
في ليلة الاثنين ٢٦ رجب سنة ١٣١٨ ه توفي الشهم الهمام ، والبطل المقدام ، فريد زمانه ، ووحيد أوانه محمد آل جميل ، أشرف الوجوه من ذوي البيوت المحترمين في بغداد ، وأقدم الرجال الكرام الحائزين درجة استنبول الرفيعة.
وكان مماته فجأة ، وفي صباح اليوم الثاني حضر لتشييع نعشه كل من صاحبي الدولة حضرة والي باشا ، وحضرة مشير باشا ، وجميع أركان الولاية ومأموريها وأشراف البلدة ومتميزيها والسادات ومشايخ الطرق ، وجمّ غفير من الأمة ، وحمل بكمال الاحتفال. ونقل إلى الجامع الشريف الذي هو من آثار أسلافه ، الواقع بإزاء داره وبعد أداء صلاة الجنازة أودع في تربته.
وهو الغيور الكريم الوقور ، الطود الشامخ ، الأريب الكامل ، الأديب البارع ، من كرام أركان بيت رفيع العماد ، شهير بالعلم والفضل ، متصف بالأصالة والنّجابة ، ورث الشرف العظيم من أسلافه الأنجاب الأمجاد ، ولا يزال بأخلاقه الحسنة وكمالاته الذاتية وفضائله الإنسانية يزيد عليه حتى بلغ المرتبة العليا. فترك إلى أخلافه في الشأن ما لا يوصف.
وكان له النصيب الأوفر في الخصائل الممتازة كالغيرة والسخاء والسماحة والوفاء. وعلو الجناب وحب الخير لبني نوعه ، وتقلّد كثيرا من الخدمات المهمة للحكومة. أظهر في جميعها مآثر الفعالية وآثار الصدق والاستقامة. وقد توشح وتزين صدره بالوسامين العثماني والمجيدي من الدرجة الثانية.
وحافظته كانت قوية ، واسعة جدا مزينة بكثير من المناقب الحكيمة والأبيات البليغة ، فكان يورد في المحافل لكل مقام ما يناسبه من