وبذلك يحاولون أن يجدوا ناصرا من جراء هذا التكاتف والتعاون لاستحصال حقوقهم وحسن إدارتهم. ولكن لم تمض مدة حتى صار طلاب الحرية من الترك لا يقصدون إلا حرية مملكتهم وشعبهم ، ولا يبالون بالشعوب الأخرى ، بل قويت شوكتهم وتمكنت عنصريتهم وساروا على سياسة غير مألوفة ، هي أن لا تعتبر المملكة عثمانية بل تركية ، ولا ينظر إلى الشعوب الأخرى إلا بنظر من يحاول الانفصال أو يدعو لفكّ العلاقة ، وهكذا مما أدى إلى مشادات كثيرة ومخاصمات ، ومطالبات بحقوق يصح تلخيصها في :
١ ـ المطالبة باللغة. وكانت اللغة العربية مهملة مع أنها لغة الشعب العربي عامة.
٢ ـ الاشتراك في الإدارة ، وتساوي التوظيف في المملكة العربية ، وأن يكونوا من العرب كما يجب أن يكون في بلاد الترك من هم من العنصر التركي.
٣ ـ أن ينالوا الثقافة اللائقة كما نالها الأتراك ، فتكون لهم مؤسسات علمية وأدبية لا تفترق عن غيرها. وصاروا يقدمون الأرقام للمؤسسات التركية.
٤ ـ أن يراعى في التوظيف للبلاد العربية ترجيح من يحسن العربية ليتم التفاهم.
واشتد النزاع ، وقوي الجدال وطالت المطالبات وأذعنت الحكومة أحيانا وجاهرت بالإصلاح. حتى سقوط الدولة العثمانية وخروج بلاد العرب من الأيدي فلم يقوموا بأمر إصلاحي فعلي ، واكتفوا في الغالب بالمواعيد. فلم يمكنوا ثقافة الشعوب ليرتبطوا بهم ويكونوا يدا على من سواهم. فاختلف التلقي لمعنى الحرية ، ولمفهوم العدالة ، والمراد من المساواة ، مما كان يلهج به هؤلاء دوما وبإزعاج وإلحاح.