تأخر وروده ، واهتمت الحكومة لأمر العراق ، وغوائله. وإن إرسال الضباط ، وتسليمه القيادة للفيلق السادس واستخدامه بعض جيوش الفيلق الرابع يدل على شدة العناية واتخاذ القوة لتأديب العشائر وتسكين الحالة ، وأعلنوا عنه كثيرا ، وبالغوا في أمره ودرجة اهتمامه وتعظيم شأنه. والحق أنه نال سمعة كبيرة ، وحصل على رهبة من الأهلين ومن العشائر ، فخافه الناس على البعد ، وأكبروا أمره. وفي أيامه جرت وقائع تعين مكانته ، كما أنه في نظر دولته يعد من أفذاذ الرجال ومشاهيرهم. ولم ينل شهرته من وزراء بغداد إلا مدحت باشا ، والحق أنه يصح أن يعد (مدحت الثاني). ونعته الأستاذ حمدي بابان بـ (مدحت زماننا).
وكان بوقته وردت برقية من نائب كربلاء الحاج عبد المهدي الحافظ يبشر بها بتعيين الفريق الأول ناظم باشا أحد أعضاء الشورى العسكرية واليا لولاية بغداد بانضمام قيادة الفيلق السادس لعهدته. بتاريخ ٣ ذي القعدة سنة ١٣٢٧ ه (١).
والشعب العراقي لا يريد إلا أن يتولى من يقوّم المعوجّ ، ويصلح الفاسد ، ويؤمن المخاوف ، ويحمي الدماء المهراقة في عموم الأنحاء. فإن العصيان في العشائر عمّ أنحاء القطر ، وصار لا يستطيع الجيش تأديبها. وتجرأوا على أعمال لا يصح السكوت عليها. وهكذا قل عن سائر الجهات. فهذه عشائر الدليم ووقائعها وآل أزيرج وعشائر أخرى لم تستقر على حالة. وهذه المنتفق ووقائعها.
وهنا نجد الاعتراضات تترى على تعيين وال لا يفهم العربية ، ولا يتمكن أن يطلع على أحوال الأهلين واستماع شكاواهم رأسا وبلا واسطة. وأمثال هذه الاعتراضات ليس لها من سامع (٢).
__________________
(١) الرقيب عدد ٦٥ في ٥ ذي القعدة سنة ١٣٢٧ ه.
(٢) الرقيب عدد ٦٦ وصدى بابل عدد ٣٩.