والملحوظ أن كل وال يدعي أنه يقوم بعمل ، وفي الحقيقة لا يظهر له وجود فصار الناس يطالبون به أو يضجرون من واليهم لأنه لم يقم بعمل ما ، وهكذا كان الأمر. ولإطلاق الألسن المكانة المقبولة في طلب الإصلاح.
ورد ناظم باشا واليا وقائدا للفيلق السادس بصلاحية واسعة فيما يختص بالولايات الثلاث الموصل وبغداد والبصرة .. ولم نر واليا نال شهرة ، أو اكتسب ذكرا ، وذاع صيته كهذا الوالي سبقت أخباره وروده بغداد.
وممن بعث إليه بتبريك والي البصرة سليمان نظيف بك قال : «الفيلق السادس في انحلال ويحتاج إلى لمّ الشعث ، وخراب بغداد من زمان بعيد ينتظر الإصلاح ، وعلو عزمكم يبعث على الأمل ، فأبارك لكم بإخلاص».
ومن هذا يعلم ما نال العراق ، وأن والي البصرة الأديب الفاضل أدرك المغزى ، ونعم ما طلب من الوالي الجديد. وفيه بعث بهمته وتقوية لعزمه في الإصلاح (١).
ولا يهمنا الثناء عليه أو مدحه مجردا ، وإنما نحاول تثبيت وقائعه لتعرف درجة تصرفه في الإدارة والجيش. إلا أننا نقول إن الزمن في ولايته غير ما كان في أيام مدحت باشا ، فالوضع مختلف ومن ثم يصح أن نقول هنا باختلاف الطبع بالنظر لاختلاف الوضع.
ومن ثم نرى كثرة المطالبات على لسان الجرائد ، والصحف ، وبعرائض كانت تقدم إليه ، فكل من ناله حيف صار يلجأ إليه ، وأخاف الموظفين بل أرعبهم ، فصار لا يجسر أحد أن يقوم بعمل ما غير قانوني ، أو مخالف للشرف والأدب. كما أن رجال العشائر صاروا
__________________
(١) الرقيب عدد ٧٤.