حروب ووقائع قاسية :
من أيام سليمان عسكري بك وانتحاره في ١٤ نيسان سنة ١٩١٥ م توغل الإنكليز في العراق لحد أنهم استولوا على العمارة والناصرية ، وكان آخر ما استولوا عليه الكوت في ٢٨ أيلول سنة ١٩١٥ م ، وداهم الخطر العثمانيين من جراء هذا التوغل والحروب العثمانية كانت تطحن الإنكليز حتى في حالة الهزيمة مما لم يعهد له مثيل في جيش.
نعم أضاعت القيادة العامة في العراق الكوت ، واضطرت إلى الرجوع إلى (سلمان بك) ، وبناء على الأمر الصادر كانت هذه الرجعة لمسافة طويلة تبلغ ١٥٠ كيلو مترا في حين أن هناك مواقع تصلح للتحصن ، وتعد حربية ، وترجح على ما اختارته القيادة. ولعل السبب أن العدو ـ كما يفهم من حروبه ـ لا يجتاز بسرعة ، ولم تكن حروبه خاطفة ، وكان يراعي التدابير القطعية ، فلا يجازف ولا يخاطر. ومثل هذا البعد يحتاج إلى زمان لتنظيم أمره وحذر من القبائل وبسط سياسة حكيمة كما أن الجيش التركي لا يلجأ إلى محل قريب مثل البغيلة والعزيزية من جهة أنه لا يستطيع تحكيمها في مدة قليلة خصوصا أن قوة العزم في الجيش ضعيفة لما تناوبته من مصائب ونكبات حتى صار يخشى من الإنكليز وقصفهم الذي لا يطاق. فمن المحتمل أنه لو اتخذ المواقع المذكورة لخذل. ومن أهم ما هنالك أن تموين الجيش بالإعاشة والمواد الحربية يسهل له مهمة الدفاع ، ويناضل أكثر ..!
وعلى كل حال اختارت القيادة العراقية هذا المحل على خلاف رضى القيادة العامة للدولة التركية. نظرا لقربه من بغداد وسهولة تموينه.
وجاء من قائد العراق العام نور الدين بك بيان إلى الولاية في ٣١ أيلول سنة ١٩١٥ م (٢٢ ذي القعدة سنة ١٣٣٣ ه) مصدرا من بيت عدّاي (بيت عدّاي الجريان) يفيد أن الانسحاب من الكوت إلى غيره لم