يكن نتيجة مغلوبية ، وإنما كان للاستفادة من الوضع العام ، فهو تدبير متخذ ، ووسيلة لعرقلة أوضاع العدو وجعلها عقيمة ، ولله الحمد ليس هناك ما يوجب التشويش ، وليفهم الأهلون أن لا موجب للاضطراب ، وإنما يدعون للسكينة والعزم والصلابة الدينية. بلغوا الأهلين ذلك ، والنصر ـ إن شاء الله ـ للإسلام (١).
واقعة سلمان باك :
من أشهر الوقائع المشرفة للدولة العثمانية ، ولم تربح حربا ، ولا انتصرت في معركة ، ولكنها عرفت عدوها بمكانتها الحربية حتى في حالة هزيمتها وانكسارها. وفي هذه المعركة حطمت الجيش الإنكليزي وبعثرته بحيث عاد لا يلوي على شيء ، وصار في خطر كبير ، بل في ريب من أمره في حين أنه كان يظن أنه منتصر قطعا على العراق في كافة حروبه ، فأصابته هذه الضربة القاسية ، ولم يقف إلا في الكوت ، وكادت هذه النكبة تجعلهم في ريب من البقاء ، فلم يستطيعوا الهرب إلى ما وراء ذلك ، فتحصنوا في الكوت ..
إن العدو بعد أن استولى على الكوت في حملته الأولى مضى إلى العزيزية في طريقه فتمكن من أخذها بعد أربعة أيام أو خمسة فمكث من ٣ تشرين الأول إلى ٢١ تشرين الثاني سنة ١٩١٥ م أي ٤٩ يوما لأسباب سياسية وعسكرية ، وأوصى القائد (طاونسند) بلزوم البقاء والتأخر ، بل منع رسميا في ٥ تشرين الأول سنة ١٩١٥ م بأن لا يتحرك نحو بغداد ، ولكن آمال افتتاحها لا تزال حية إلا أنها مملوءة بالتردد والحذر ، وأن المشاورة بين رجال الجيش والسياسة بهذه المكانة.
تحرك الإنكليز في ١١ تشرين الثاني سنة ١٩١٥ م نحو سلمان باك واشتبكت المعركة في ٢٢ منه ، وهذا التأخر كان ناجما من قلة الوسائط
__________________
(١) مجموعة الأستاذ محمد درويش.