أو أنها غير كافية نظرا لانخفاض ماء دجلة إلى حد كبير ، فحدثت مشاكل مما أدى إلى أن تتقوى ناحية الدفاع التركي وتأتي قوى جديدة. والملحوظ أنهم في حروبهم هذه اعتبارا من الشعيبة صاروا مدافعين ، وذهبت آمال الهجوم منهم. وبهذا لم يتعرضوا للخطر ، ولكنهم اكتسبوا انتظاما واقتبسوا من الإنكليز ما كان أساسا للدفاع والهجوم .. وكانت التحكيمات قوية لحد أن القائد (طاونسند) كان يعتقد أن الجيش صار بإدارة الألمان فاكتسب هذا النجاح في حين أنه لم يكن من الألمان من تدخل في الحرب وفي سوق الجيش.
وفي كتاب (طاونسند) تفصيل لقوة الإنكليز كما أن (كتاب حرب سلمان باك) للعقيد الركن محمد أمين بك تفصيل لقوة الجيش العثماني. ومن رأيه الانسحاب إلى سلمان باك دون توقف في المواقع الأخرى. ومهما يكن فقد ابتدأ الإنكليز في التعرض ، واكتسبت الحرب شكل ميدان في ٢٢ تشرين الثاني سنة ١٩١٥ م ، ودامت أربعة أيام بما لم يسبق لها مثيل وكأن هذه الحرب جهنم متحركة ، فكان هولها عظيما. وهلكت فيها نفوس كثيرة من الطرفين. وتزلزلت الأقدام ، واضطربت حالة الجيشين المتحاربين ، وصار يظن كل قائد في جيشه الظنون. بل اعتقد كل واحد أن جيشه خسر المعركة ، ووجب أن ينسحب فأعطى أوامره بالانسحاب.
إن الجيش العثماني أمر بالرجوع والانسحاب وبعد ١٢ ساعة علم أن عدوّه رجع ، ومن ثم عاد إلى مواقعه ، ولم يكن يعلم عن وضع الإنكليز شيئا ، ظنوا أن قد وصل إلى الجيش مدد ، فأمروا بالرجعة فانهزم جيشهم هزيمة فاحشة ، وبذلك لم يحصل على النتائج التي كان يتطلبها ، بل حصلت واقعة (الدلابحة) و (أم الطبول) وما تلاها ، فلم ير له ملجأ إلا أن يعود إلى (كوت الإمارة) فيتحاصر بها ، وقامت عليه العشائر من كل صوب ، ودمرته من كل جانب. وبقي محاصرا.