الدّرس الثاني والعشرون :
الأحرف المشبّهة بالفعل
إنّ وأخواتها
لمّا أيقن أبي ، رحمه الله أنّ صحّته آخذة في التّلاشي ، وأحسّ كأنّ الأيّام مركب يحمله فوق نهر الحياة إلى مصير لا فرار له منه ، دعانا ، أنا وإخوتي إليه ، ألقينا عليه التّحيّة وقلنا له :
إنّنا جميعا بين يديك يا أبي.
قال الأب لأبنائه : «ما يخفّف عنّي آلامي أنّكم بخير». ثمّ قال كلمات ليست بجديدة على مسمع الأبناء ولكن تأكيدها في ساعاته الأخيرة له نفع. وسأل أولاده إن كانوا يصغين له فردّوا عليه «إنّنا مصغون بكلّ جوارحنا يا أبي». فقال لهم : «يا أبنائي ، إن اتحادكم قوّة ، واعلموا أنّ محبّتكم لوطنكم وإخوتكم هي عنصر مهمّ لكم ، وأنّ عمل المواطن من أجل وطنه هو في الوقت عينه ، عمل من أجل الوطن نفسه. لأنّ المصلحة العامّة مجموع مصالح الفرد ، ألا ليت كلّ إنسان يدرك هذه الحقيقة لعلّه يبلغ أمله».