الدّرس الثاني والأربعون :
البدل
وفاء السّموأل
حكي أنّ الشّاعر امرأ القيس الكندي ، لما أراد المضيّ إلى قيصر ملك الرّوم ، أودع عند الشّاعر السّموأل أمانة :
دروعا لله ، وسلاحا ، وأمتعة تساوي المال الكثير. فلمّا مات امرؤ القيس أرسل ملك الحيرة يطلب الدّروع والأسلحة المودعة عند السّموأل. فأجابه : لا أدفعها إلّا لمستحقّيها ورثة امرىء القيس. فعاوده ، فأبى وقال : لا أغدر بذمّتي وبوفائي. فقصده ذلك الملك بعسكره. فدخل السّموأل حصنه وامتنع فيه. فحاصره هذا الملك ، وكان ولد السّموأل خارج الحصن ، فظفر به الملك وأخذه أسيرا. ثمّ طاف حول الحصن وصاح بالسّموأل ؛ فأشرف عليه من أعلى الحصن. فلمّا رآه قال : «إنّ ولدك قد أسرته ، فإن سلّمت لي الأمانة سلّمتك إيّاه ، وإلّا قتلته» فازداد تمنّع السّموأل.
فما كان من الملك إلّا أن قتل الولد ، ذبحه أمام ناظري أبيه من أعلى حصنه. وبعد أن عجز المحاصر عن النّيل من السّموأل غادر القلعة إلى دياره دون أن ينال من ذاك الرّجل