الدّرس التاسع :
مضارع الأفعال الخمسة
بني للأمين مجلس لم تر العرب والعجم مثله ، قد صوّر فيه كلّ التّصاوير ، وذهّب سقفه وحيطانه ، وعلّقت على أبوابه ستور مذهّبة ، وفرش بمثل ذلك الفرش. فلمّا فرغ من جميع أسبابه ، اختار له يوما ، وتقدّم بأن يؤمر النّدماء والشّعراء بالحضور غدوة ذلك اليوم ، ليصطحبوا معه فيه ، فلم يتخلّف أحد. فدخلوا فرأوا بناء لم يروا مثله قطّ ، ولم يسمعوا به ، وانبرى أبو نؤاس ، والشّاعر الخليع الحسين ابن الضّحاك يتناشدان أمتع الشّعر ولمّا يباشرا الشّراب.
ثمّ أقبل الأمين عليهم فقال : إنّي أحببت أن أفرغ متعة هذا المجلس معكم ... وإنّكم لترون حسنه ، فلا تنغّصوا ذلك بالتّكلّف ، ولا تكدّروا سروري بالتّحفظّ ، ولكن انبسطوا وتحدثوا ، وتبذّلوا فما العيش إلا في ذلك ، وتمتّعي يا نفس إن لم تتمتّعي اليوم فمتى تتمتّعين؟
فقالوا : «يا أمير المؤمنين ، بالطّائر الميمون ، والحظّ الصّاعد ، وفّقت ولم تزل موفّقا».
|
ابن المعتزّ طبقات الشّعراء (بتصرف) |