نظرة عامة في التأليف المعجمي (١)
إن من أهم ما تمتاز به العربية الفصحى أنها أوسع أخواتها السامية ثروة في أصول الكلمات وفي المترادفات ، فهي تشتمل على جميع الأصول التي تشتمل عليها أخواتها السامية أو على معظمها ، وتزيد عليها بأصول أخرى كثيرة.
وقد أجتمع فيها من المفردات في مختلف أنواع الكلمة ومن المترادفات في الأسماء والأفعال والصفات ما لم يجتمع مثله للغة سامية أخرى.
فقد أشتمل معجم «لسان العرب» ـ على ثمانين ألف مادة أصلية ، يضاف إليها أضعافها مما يتفرع عنها من مشتقات من الأفعال والمصادر والصفات والجموع وجموع الجموع ... وما إلى ذلك. هذا فيما يتعلق بكم المفردات.
وأما فيما يتعلق بالمترادفات فإنها تجل عن الحصر. فمن ذلك مثلا أنه جمع للأسد خمسمائة اسم ، وللثعبان مائتا اسم ، وكتب الفيروزآبادي بحثا في أسماء العسل فذكر له أكثر من ثمانين اسما ، وقرر مع ذلك أنه لم يستوعبها جميعا وذكر أنه يوجد للسيف في العربية ألف اسم على الأقل.
وقد جمع دوهامرDehammer المفردات العربية المتصلة بالجمل وشئونه فوصلت إلى أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربع وأربعين ، وكثير منها من المترادفات (٢). وكذلك الشأن في الأوصاف.
ونظرا لهذه الغزارة الكبيرة في مفردات العربية الفصحى ومترادفاتها ، كان وضع المعاجم على اختلاف أصنافها وطرائقها ضرورة في حياة اللغات ، ولا سيما اللغات التي قطعت في التقدم أشواطا وبلغت مبلغا غير يسير من الاتساع في التصرف وفي القدرة على التعبير عن حاجات الفكر والشعور.
وربما كان من موافقة الحقيقة القول : إن تأليف المعاجم كان قرين ازدهار
__________________
(١) انظر مجلة «مجمع اللغة العربية» (٦٠ / ١٢٩) ، التأليف المعجمي العربي قديمه وحديثه ، أقسامه وأغراض كل قسم وطريقته ، للدكتور علي عبد الواحد وافي.
(٢).٧٨٣ v.Renan : Langues semetiques