شَبّه البرق في ظلمة السحاب بسيوف عِرَاضٍ ، وواحد الصَّفائح صفيحة.
ويقال للحجارة العريضة صفائح أيضاً ، واحدتها صَفيحَة وصفيح.
وقال لبِيد :
وصَفَائِحاً صُمّاً روا |
سِيها يُسَدِّدْن الغُضونا |
وهي الصُّفَّاح أيضاً الواحدة صُفَّاحة ، ومنه قول النابغة :
* ويُوقِدْن بالصُّفَّاحِ نار الحُباحِبِ*
وأما قول الله جلّ وعزّ : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) [الزّخرُف : ٥] المعنى أفَنُعْرِض عن تذكيركم إعراضاً من أجل إسرَافِكم على أنفُسِكم في كفركم ، يقال : صَفَح عن فلان أي أعرض عنه مُوَلِّيا ، ومنه قول كُثَيِّر يصف امرأةً أعرَضَتْ عنه.
صفُوحاً فما تَلْقاك إلا بَخيلَةً |
فَمَنْ مَلّ منها ذلك الوصل مَلَّتِ |
وأما الصَّفوح من صفات الله جلّ وعزّ فمعناه العَفُوّ. يقال : صَفَحْتُ عن ذَنْبِ فلان أي أعْرَضت عنه فلم أُؤاخِذه به.
قلت : فالصَّفُوحُ في نعت المرأة المُعْرِضَةُ صَادَّةً هاجِرة والصَّفُوحُ في صفة الله العَفُوّ عن ذنب عبده معرِضاً عن مجازاته تَكَرُّماً ، فأحدهما ضد الآخر ونصب قوله : صَفْحاً في قوله : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) [الزّخرُف : ٥] على المصدر : لأنّ معنى قوله (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) [الزّخرُف : ٥] أَنُعْرِض عنكم ونصفح وضَرْبُ الذِّكْر : رَدُّه وكَفُّه ، وقد أضرب عن كذا أي كفَّ عنه وتركه.
وقال الليث : صفَحْتُ وَرَق المصحف صَفْحاً وصَفَحْتُ القومَ إذا عَرَضْتَهم واحداً واحداً ، وتَصَفَّحْتُ وُجُوهَ القوم إذا تأملتَ وجوههم تنظر إلى حُلاهم وصورهم وتَتَعَرَّف أمرهم.
قال والصُّفَّاح من الإبل التي عَظُمَت أسْنِمتُها ، فكأن سَنام الناقة يأْخُذُ قَرَاها ، وجَمْعُها صُفَّاحات وصَفَافِيح.
أبو عُبَيد : من أسماء قِداح المَيْسر المُصْفَحُ والمُعَلَّى.
قال أبو عُبَيد ، وقال أبو زيد : إذا سقَى الرجلُ غيرَه أيَّ شراب كان ومتى كان قال : صَفَحْتُ الرجلَ أصْفَحُه صَفْحاً ، قال : وصَفَحْتُ الرجلَ وأصْفَحْتُه كلاهما إذا سأَلَكَ فَمَنَعْته.
وفي الحديث : «التَّسْبِيحُ للرِّجال ، والتَّصْفِيحُ للنساء» ، ويروى التَّصْفِيق ومعناهما واحد ، يقال : صَفَّح وصَفَّق بيديه ، وروى بيت لبيد في صفة السحاب :
* كأنَ مُصَفِّحَاتٍ في ذُرَاه*
جعل المُصَفِّحَاتِ نساءً يُصَفِّقْنَ بأيديهن في مأتم ، شبّه صوت الرعد بتصفيقهن ، ومن رواه : مُصَفَّحَات ، أراد السيوف العَريضة ، شبَّه بريق البرق بَبرِيقها.
وقال ابن الأعرابي : الصَّافح : الناقةُ التي فقدت ولدها فَغَرَزَتْ وذهب لبنها وقد صَفَحت صُفُوحاً. والرجل يصافحُ الرجل إذا وضع صُفْحَ كَفِّه في صُفْح كَفّه وصُفْحا