ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة فأطلق المولود الفاجر وأريد به الرّجل الفاجر والعلاقة اعتبار ما يكون.
أما قوله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) والأمر هنا للسخرية والاستخفاف ، فإننا نعرف أن معنى النادى مكان الاجتماع ، ولكن المقصود به فى الآية الكريمة من فى هذا المكان من عشيرته ونصرائه ، فهو مجاز أطلق فيه المحل وأريد الحال ، فالعلاقة المحلية
وعلى الضد من ذلك قوله تعالى : «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ» والنعيم لا يحلّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعانى ، وإنما يحلّ فى مكانه ، فاستعمال النعيم فى مكانه مجاز أطلق فيه الحالّ وأريد المحل فعلاقته الحالية.
وإذا ثبت كما رأيت أنّ كل مجاز مما سبق كانت له علاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلى ، فاعلم أن هذا النوع من المجاز اللغوى يسمى المجاز المرسل (١)
القواعد :
(٢٢) المجاز المرسل كلمة استعملت فى غير معناها الأصلىّ لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلىّ (٢).
(٢٣) من علاقات المجاز المرسل :
السّببيّة ـ المسبّبيّة ـ الجزئية ـ الكليّة ـ اعتبار
ما كان ـ اعتبار ما يكون ـ المحلّيّة ـ الحالّيّة.
__________________
(١) المرسل : المطلق ، وإنما سمى هذا المجاز مرسلا لأنه أطلق فلم يقيد بعلاقة خاصة.
(٢) ومن المجاز المرسل نوع يقال له المجاز المرسل المركب ، وهو كل تركيب استعمل فى غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، وذلك كالجمل الخبرية المستعملة فى الإنشاء للتحسر وإظهار الحزن كما فى قول ابن الرومى.
بان شبابى فعز مطلبه |
|
وانبتّ بينى وبينه نسبه |
فهذا البيت مجاز مرسل مركب علاقته السببية والقرينة حالية ، فإن ابن الرومى لا يريد الإخبار ، ولكنه ، يشير إلى ما استحوذ عليه من الهم والحزن بسبب فراق الشباب.