والمدينة. وهو فى المثال الثانى يخبره بما لم يكن يعرفه عن عمر بن عبد العزيز من العفة والزّهد فى مال المسلمين.
تأمل بعد ذلك المثالين التاليين ، تجد المتكلم لا يقصد منهما أن يفيد السامع شيئا مما تضمنه الكلام من الأحكام ؛ لأنّ ذلك معلوم للسامع قبل أن يعلمه المتكلم ، وإنما يريد أن يبين أنه عالم بما تضمنه الكلام. فالسامع فى هذه الحال لم يستفد علما بالخبر نفسه ، وإنما استفاد أن المتكلم عالم به ، ويسمى ذلك لازم الفائدة.
انظر إلى الأمثلة الخمسة الأخيرة تجد أن المتكلم فى كل منها لا يقصد فائدة الخبر ولا لازم الفائدة ، وإنما يقصد إلى أشياء أخرى يستطلعها اللبيب ويلمحها من سياق الكلام ، فيحيى البرمكى فى المثال الخامس لا يقصد أن ينبئ الرشيد بما وصل إليه حاله وحال ذوى قرباه من الذلّ والصّغار ؛ لأن الرشيد هو الذى أمر به فهو أولى بأن يعلمه ، ولا يريد كذلك أن يفيده أنه عالم بحال نفسه وذوى قرابته. وإنما يستعطفه ويسترحمه ويرجو شفقته ، عسى أن يصغى إليه فيعود إلى البرّ به والعطف عليه.
وفى المثال السادس يصف زكريا عليه السّلام حاله ويظهر ضعفه ونفاد قوته. والأعرابى فى المثال السابع يتحسر ويظهر الأسى والحزن على فقد ولده وفلذة كبده. وعمرو بن كلثوم فى المثال الثامن يفخر بقومه ، ويباهى بما لهم من البأس والقوة : وطاهر بن الحسين فى المثال الأخير لا يقصد الإخبار. ولكنه يحثّ عامله على النشاط والجدّ فى جباية الخراج وجميع هذه الأغراض الأخيرة إنما تفهم من سياق الكلام لا من أصل وضعه.
القواعد :
(٣٠) الأصل فى الخبر أن يلقى لأحد غرضين :
(ا) إفادة المخاطب الحكم الذى تضمّنته الجملة ، ويسمّى ذلك الحكم فائدة الخبر.