وإذا تدبرت المثال السابع وجدت امرأ القيس يتخيّل صاحبين يستوقفهما ويستبكيهما جريا على عادة الشعراء ، إذ يتخيل أحدهم أن له رفيقين يصطحبانه فى غدوّه ورواحه ، فيوجه إليهما الخطاب ، ويفضى إليهما بسره ومكنون صدره ، وصيغة الأمر إذا صدرت من رفيق لرفيقه أو من ندّ لندّه لم يرد بها الإيجاب والإلزام ، وإنما يراد بها محض الالتماس.
وامرؤ القيس أيضا فى المثال الثامن لم يأمر الليل ولم يكلفه شيئا ؛ لأن الليل لا يسمع ولا يطيع ، وإنما أرسل صيغة الأمر وأراد بها التمنى.
وإذا تدبرت الأمثلة الباقية وتعرفت سياقها وأحطت بما يكنفها من قرائن الأحوال ، أدركت أن صيغ الأمر فيها لم تأت للدلالة على المعنى الأصلى ، وإنما جاءت لتفيد التخيير ، والتسوية ، والتعجيز ، والتهديد والإباحة على الترتيب.
القواعد :
(٣٧) الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
(٣٨) للأمر أربع صيغ : فعل الأمر ، والمضارع المقرون بلام الأمر واسم فعل الأمر ، والمصدر النّائب عن فعل الأمر.
(٣٩) قد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلىّ إلى معان أخرى تستفاد من سياق الكلام ، كالإرشاد ، والدّعاء ، والالتماس ، والتّمنّى ، والتّخيير ، والتّسوية ، والتّعجيز ، والتّهديد ، والإباحة.
نموذج
لبيان صيغ الأمر وتعيين المراد من كل صيغة فيما يأتى :
(١) قال تعالى خطابا ليحيى عليه السّلام : «خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ».