(٨) وقال أبو الأسود الدؤلى (١).
لا تنه عن خلق وتأتى مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
(٩) وقال آخر :
لا تعرضنّ لجعفر متشبّها |
|
بندى يديه فلست من أنداده |
(١٠) لا تمتثل أمرى (تقول ذلك لمن هو دونك)
(١١) قال أبو الطيب يهجو كاورا :
لا تشتر العبد إلّا والعصا معه |
|
إنّ العبيد لأنجاس مناكيد (٢) |
البحث :
إذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلّا منها يشتمل على صيغة يطلب بها الكفّ عن الفعل : وإذا أنعمت النظر رأيت طالب الكفّ فيها أعظم وأعلى ممن طلب منه ، فإن الطالب فى أمثلة هذه الطائفة هو الله سبحانه وتعالى والمطلوب منهم هم عباده ؛ وهذا هو النهى الحقيقى ، وإذا تأملت صيغته فى كل مثال يرد عليك وجدتها واحدة لا تتغير ، وهى المضارع المقرون بلا الناهية.
انظر إذا إلى الطائفة الثانية تجد أن النهى فى جميعها لم يستعمل فى معناه الحقيقى. وهو طلب الكف من أعلى لأدنى ، وإنما يدل على معان أخرى يدركها السامع من السّياق وقرائن الأحوال.
فمسلم بن الوليد فى المثال الرابع لا يقصد من النهى إلّا الدعاء للخليفة الرشيد بالبقاء لتأييد الإسلام وإعلاء كلمته.
__________________
(١) هو ظالم بن عمرو بن ظالم من قبيلة الدئل ، كان شاعرا مجيدا وفقيها محدثا وفارسا شجاعا صحب عليا وشهد معه صفين ، وهو أول من وضع النحو بإشارة على رضى الله عنه ، وتوفى سنة ٦٥ ه
(٢) المناكيد : جمع منكود وهو قليل الخير : أى أن العبد لا يصلح إلا بالضرب والإهانة