وأبو الطيب فى المثال الخامس إنما يلتمس من صاحبيه أن يكتما عن سيف الدولة ما سمعاه فى وصف شجاعته وفتكه بالأعداء وحسن بلائه فى الحروب ؛ لأنه شجاع والشجعان يشتاقون إلى الحروب متى ذكرت لهم ، وهذا على ما جرت به عادة العرب فى شعرهم إذ يتخيل الشاعر أن له رفيقين يصطحبانه ويستمعان لإنشاده ، فيخاطبهما مخاطبة الأنداد ، وصيغة النهى متى وجّهت من ندّ إلى ندّه أفادت الالتماس.
وأبو نواس فى المثال السادس إنما يتمنى أن تتحمل ناقته مشاق السفر وألا ينزل بها السأم حتى تبلغ ديار الأمين ، فترى هناك كيف جمع الله العالم فى صورة إنسان.
وأبو العلاء فى بيته إنما ينصح مخاطبه ويرشده إلى الابتعاد عن السفهاء وأهل الدنايا.
وأبو الأسود إنما يقصد توبيخ من ينهى الناس عن السوء ولا ينته عنه ، ويقصد الآخرون فى الأمثلة الثلاثة الباقية إلى التيئيس ، والتهديد ، والتحقير على الترتيب.
القواعد :
(٤٠) النّهى طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء.
(٤١) للنّهى صيغة واحدة هى المضارع مع لا النّاهية.
(٤٢) قد تخرج صيغة النّهى عن معناها الحقيقىّ إلى معان أخرى تستفاد من السّياق وقرائن الأحوال ، كالدّعاء ، والالتماس ، والتمنّى ، والإرشاد ، والتّوبيخ ، والتّيئيس ، والتّهديد ، والتّحقير.