والبحترى فى المثال الثالث إنما يريد أن يحمل الممدوح على الإقرار بما ادعاه له من الفوق على بقية الخلفاء فى الجود وبسطة الجسم والشجاعة ، وليس من قصده أن يسأل ، فالاستفهام فى كلامه للتقرير.
والشاعر فى المثال الرابع يلوم مخاطبيه على تماديهم فى الشقاق واستمرارهم فى التخاذل والتنافر. ويقرعهم على غلوهم فى الصخب والضجيج ، فهو قد خرج بأداة الاستفهام عن معناها الأصلى إلى التوبيخ والتقريع.
وأبو الطيب فى المثال الخامس يقصد إلى التعظيم والإجلال بإظهار ما كان للمرثى أيام حياته من صفات السيادة والشجاعة والكرم ، مع ما فى ذلك من إظهار التحسر والتفجع. أما فى المثال السادس حيث يهجو كافورا فإنه ينقصه ويعمد إلى تحقيره والحط من كرامته.
وإذا تدبرت بقية الأمثلة وجدت أدوات الاستفهام قد خرجت عن معانيها الأصلية إلى الاستبطاء ، والتعجب ، والتسوية ، والتمنى ، والتشويق ، على الترتيب.
القاعدة :
(٣٨) قد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معانيها الأصليّة لمعان أخرى تستفاد من سياق الكلام كالنّفى ، والإنكار ، والتّقرير ، والتّوبيخ ، والتّعظيم ، والتّحقير ، والاستبطاء ، والتّعجّب ، والتّسوية ، والتّمنّى ، والتّشويق.
نموذج (١)
(١) شبّ فى المدينة حريق لم تره ، فسل صديقك عن رؤيته إيّاه.
(٢) سمعت أن أحد أخويك علىّ ونجيب أنقذ غريقا. فسل عليّا يعين لك المنقذ.