(٤) وقال ابن الفارض (١) :
هلّا نهاك نهاك عن لوم امرئ |
|
لم يلف غير منعّم بشقاء (٢) |
(٥) وقالت الخنساء من قصيدة ترثى فيها أخاها صخرا :
إنّ البكاء هو الشّفا |
|
ء من الجوى بين الجوانح (٣) |
(٦) وقال تعالى حكاية عن هرون يخاطب موسى :
«خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ».
البحث :
تأمل الأمثلة السابقة تجد فى كل مثال كلمتين تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها فى اللفظ مع اختلاف فى المعنى ؛ وإيراد الكلام على هذا الوجه يسمى جناسا.
ففى المثال الأول من الطائفة الأولى تجد أن لفظ «الساعة» مكرر مرتين ، وأن معناه مرة يوم القيامة ، ومرة إحدى الساعات الزمانية ، وفى المثال الثانى ترى «يحيى» مكررا مع اختلاف المعنى. واختلاف كل كل كلمتين فى المعنى على هذا النحو مع اتفاقهما فى نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها يسمى جناسا تامّا.
وإذا تأمّلت كلّ كلمتين متجانستين فى الطائفة الثانية رأيت أنهما اختلفتا فى ركن من أركان الوفاق الأربعة المتقدمة ، مثل تقهر وتنهر ، ونهاك ونهاك. والجوى والجوانح ، وبين وبنى ، على ترتيب الأمثلة ، ويسمى ما بين كل كلمتين. هنا من تجانس جناسا غير تام.
__________________
(١) هو أبو حفص عمر بن على بن مرشد ، أشعر المتصوفين ، أصله من حماة ، ومولده فى القاهرة ، وله ديوان شعر ، وتوفى بمصر سنة ٦٣٢ ه وقبره معروف يزار.
(٢) النهى : جمع نهية وهى العقل ، ويلفى : يوجد.
(٣) الجوى : الحرقة وشدة الوجد ، الجوانح : الأضلاع التى تحت الترائب وهى مما يلى الصدر كالضلوع مما يلى الظهر ، والواحدة جانحة.