(٤) وقال المتنبى فى سيف الدولة :
يهزّ الجيش حولك جانبيه |
|
كما نفضت جناحيها العقاب (١) |
(٥) وقال السّرىّ الرّفّاء :
وكأنّ الهلال نون لجين |
|
غرقت فى صحيفة زرقاء |
البحث :
يشبّه البحترى ممدوحه بالبحر فى الجود والسماح ، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر ، ويشبه امرؤ القيس الليل فى ظلامه وهوله بموج البحر ، وأنّ هذا الليل أرخى حجبه عليه مصحوبة بالمهموم والأحزان ليختبر صبره وقوة احتماله. وإذا تأملت وجه الشبه فى كل واحد من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفات اشتركت بين شيئين ليس غير ، هى هنا اشتراك الممدوح والبحر فى صفة الجود ، واشتراك الليل وموج البحر فى صفتين هما الظلمة والروعة. ويسمى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردا ، وكونه مفردا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة ، ويسمى التشبيه الذى يكون وجه الشبه فيه كذلك تشبيها غير تمثيل.
انظر بعد ذلك إلى التشبيهات التالية :
يشبه أبو فراس حال ماء الجدول ، وهو يجرى بين روضتين على شاطئيه حلّاهما الزّهر ببدائع ألوانه منبثّا بين الخضرة الناضرة ، بحال سيف لماع لا يزال فى بريق جدّته ، وقد جرّده القيون على بساط من حرير مطرّز. فأين وجه الشبه؟ أتظنّ أن الشاعر يريد أن يعقد تشبيهين : الأول تشبيه الجدول بالسيف ، والثانى تشبيه الروضة بالبساط الموشّى؟
__________________
(١) العقاب : طائر كاسر معروف بالعز والمنعة ، ويضرب به المثل فى ذلك فيقال : «أمنع من عقاب الجو» وهو خفيف الجناح سريع الطير.