التشبيه ليبيّن مقدار هذا الاحمرار وعظمه ، وهذا من أغراض التشبيه أيضا.
أما الآية الكريمة فإنها تتحدث فى شأن من يعبدون الأوثان ، وأنهم إذا دعوا آلهتهم لا يستجيبون لهم ، ولا يرجع إليهم هذا الدعاء بفائدة ، وقد أراد الله جل شأنه أن يقرّر هذه الحال ويثبّتها فى الأذهان ، فشبّه هؤلاء الوثنيين بمن يبسط كفيه إلى الماء ليشرب فلا يصل الماء إلى فمه بالبداهة ؛ لأنه يخرج من خلال أصابعه ما دامت كفاه مبسوطتين ، فالغرض من هذا التشبيه تقرير حال المشبّه ، ويأتى هذا الغرض حينما يكون المشبّه أمرا معنويّا ؛ لأن النفس لا تجزم بالمعنويات جزمها بالحسيّات فهى فى حاجة إلى الإقناع.
وبيت أبى الحسن الأنبارى من قصيدة نالت شهرة فى الأدب العربى لا لشىء إلا أنها حسّنت ما أجمع الناس على قبحه والاشمئزاز منه «وهو الصّلب» فهو يشبّه مدّ ذراعى المصلوب على الخشبة والناس حوله بمدّ ذراعيه بالعطاء للسائلين أيام حياته ، والغرض من هذا التشبيه التزيين ، وأكثر ما يكون هذا النوع فى المديح والرثاء والفخر ووصف ما تميل إليه النّفوس.
والأعرابى فى البيت الأخير يتحدث عن امرأته فى سخط وألم ، حتى إنه ليدعو عليها بالحرمان من الوجود فيقول : «لا كانت» ، ويشبّه فمها حينما تفتحه بباب من أبواب جهنم ، والغرض من هذا التشبيه التقبيح ، وأكثر ما يكون فى الهجاء ووصف ما تنفر منه النفس.
القاعدة
(١٠) أغراض التشبيه كثيرة (١) منها ما يأتى :
(ا) بيان إمكان المشبّه : وذلك حين يسند إليه
__________________
(١) الأغراض المذكورة فى القاعدة ترجع جميعها كما ترى إلى المشبه ، وهذا هو الغالب ، وقد ترجع إلى المشبه به وذلك فى التشبيه المقلوب وسيأتى.