(١) ويشترط فى فصاحة التركيب فوق جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتها أن يسلم من ضعف التأليف ، وهو خروج الكلام عن قواعد اللغة المطردة كرجوع الضمير على متأخر لفظا ورتبة فى قول سيدنا حسان رضى الله عنه (١) :
ولو أنّ مجدا أخلد الدهر واحدا |
|
من النّاس أبقى مجده الدّهر مطعما (٢) |
فإن الضمير فى «مجده» راجع إلى «مطعما» وهو متأخر فى اللفظ كما ترى ، وفى الرتبة لأنه مفعول به ، فالبيت غير فصيح.
(٢) ويشترط أن يسلم التركيب من تنافر الكلمات ، فلا يكون اتّصال بعضها ببعض مما يسبّب ثقلها على السمع ، وصعوبة أدائها باللسان ، كقول الشاعر :
وقبر حرب بمكان قفر |
|
وليس قرب قبر حرب قبر (٣) |
قيل إن هذا البيت لا يتهيّأ لأحد أن ينشده ثلاث مرات متواليات دون أن يتتعتع (٤) ، لأن اجتماع كلماته وقرب مخارج حروفها ، يحدثان ثقلا ظاهرا ، مع أن كل كلمة منه لو أخذت وحدها كانت غير مستكرهة ولا ثقيلة.
(٣) ويجب أن يسلم التركيب من التّعقيد اللفظى ، وهو أن يكون الكلام خفىّ الدلالة على المعنى المراد بسبب تأخير الكلمات أو تقديمها عن مواطنها الأصلية أو بالفصل بين الكلمات التى يجب أن تتجاور ويتّصل بعضها ببعض ، فإذا قلت : «ما قرأ إلّا واحدا محمد مع كتابا أخيه»
__________________
(١) هو شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أجمعت العرب على أنه أشعر أهل المدر. قيل إنه عاش ١٢٠ سنة ، ٦٠ فى الجاهلية و٦٠ فى الإسلام ، وتوفى سنة ٥٤ ه.
(٢) هو مطعم بن عدى أحد رؤساء المشركين ، وكان يذب عن النبى صلّى الله عليه وسلّم. ومعنى البيت أنه لو كان مجد الإنسان أو شرفه سببا لطول حياته وخلوده فى هذه الدنيا ، لكان مطعم بن عدى أولى الناس بالخلود ، لأنه حاز من المجد والسؤدد ما لم يحزه غيره.
(٣) البيت من الرجز ، ولا يعرف قائله ، ولعله مصنوع.
(٤) تتعتع فى الكلام : تردد فيه من حصر أو عى.