التشبيهات أثر للبلاغة ؛ لظهور المشابهة وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة وجهد أدبىّ ، ولخلوها من الخيال.
وهذا الضرب من التشبيه يقصد به البيان والإيضاح وتقريب الشىء إلى الأفهام ، وأكثر ما يستعمل فى العلوم والفنون.
ولكنك تأخذك روعة التشبيه حينما تسمع قول المعرى يصف نجما :
يسرع اللّمح فى احمرار كما تس |
|
رع فى اللمح مقلة الغضبان (١) |
فإن تشبيه لمحات النجم وتألقه مع احمرار ضوئه بسرعة لمحة الغضبان من التشبيهات النادرة التى لا تنقاد إلا لأديب. ومن ذلك قول الشاعر :
وكأنّ النّجوم بين دجاها |
|
سنن لاح بينهنّ ابتداع |
فإن جمال هذا التشبيه جاء من شعورك ببراعة الشاعر وحذقه فى عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر بالبال تشابههما ، وهما حالة النجوم فى رقعة الليل بحال السنن الدينية الصحيحة متفرقة بين البدع الباطلة. ولهذا التشبيه رؤعة أخرى جاءت من أن الشاعر تخيّل أن السنن مضيئة لمّاعة ، وأن البدع مظلمة قاتمة.
ومن أبدع التشبيهات قول المتنبى :
بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها |
|
وقوف شحيح ضاع فى التّرب خاتمه |
يدعو على نفسه بالبلى والفناء إذا هو لم يقف بالأطلال ليذكر عهد من كانوا بها ، ثم أراد أن يصوّر لك هيئة وقوفه فقال : كما يقف شحيح فقد خاتمه فى التراب ؛ من كان يوفق إلى تصوير حال الذاهل المتحير المحزون المطرق برأسه المنتقل من مكان إلى مكان فى اضطراب ودهشة بحال
__________________
(١) لمح البرق والنجم : لمعانهما ، ولمح البصر : اختلاس النظر.