شحيح فقد فى التراب خاتما ثمينا؟ ولو أردنا أن نورد لك أمثلة من هذا النوع لطال الكلام.
* * *
هذه هى بلاغة التشبيه من حيث مبلغ طرافته وبعد مرماه ومقدار ما فيه من خيال ، أما بلاغته من حيث الصورة الكلامية التى يوضع فبها أيضا. فأقل التشبيهات مرتبة فى البلاغة ما ذكرت أركانه جميعها. لأن بلاغة التشبيه مبنيّة على ادعاء أن المشبّه عين المشبه به ، ووجود الأداة ووجه الشبه معا يحولان دون هذا الادعاء ، فإذا حذفت الأداة وحدها ، أو وجه الشبه وحده ، ارتفعت درجة التشبيه فى البلاغة قليلا ، لأن حذف أحد هذين يقوى ادعاء اتحاد المشبه والمشبه به بعض التقوية. أما أبلغ أنواع التشبيه فالتشبيه البليغ ؛ لأنه مبنىّ على ادعاء أن المشبه والمشبه به شىء واحد.
* * *
هذا ـ وقد جرى العرب والمحدثون على تشبيه الجواد بالبحر والمطر ، والشجاع بالأسد ، والوجه الحسن بالشمس والقمر ، والشّهم الماضى فى الأمور بالسيف ، والعالى المنزلة بالنجم ، والحليم الرزين بالجبل ، والأمانىّ الكاذبة بالأحلام ، والوجه الصبيح بالدينار ، والشعر الفاحم بالليل ، والماء الصافى باللجين ، والليل بموج البحر ، والجيش بالبحر الزاخر ، والخيل بالريح والبرق ، والنجوم بالدرر والأزهار ، والأسنان بالبرد واللؤلؤ ، والسفن بالجبال ، والجداول بالحيات الملتوية ، والشّيب بالنهار ولمع السيوف ، وغرّة الفرس بالهلال. ويشبهون الجبان بالنّعامة والذّبابة ، واللئيم بالثعلب ، والطائش بالفراش ، والذليل بالوتد ، والقاسى بالحديد