باب القاف
القاف : حرف مجهور ، يكون أصلا لا بدلا ولا زائدا.
فإذا كان أصلا وقع فاء ، وعينا ، ولاما. فالفاء نحو : قرن وقعد ، والعين نحو : سقف وثقل ، واللام نحو : خرق وعلق.
وأخبرني أبو عليّ ، قراءة عليه ، عن أبي بكر ، عن بعض أصحاب يعقوب ، عنه ، قال : قال الفراء : قريش تقول : كشطت (١) ، وقيس وتميم تقول : قشطت ، بالقاف. وليست القاف في هذا بدلا من الكاف ، لأنهما لغتان لأقوام مختلفين.
فأما ما حكاه الأصمعي من قولهم : امتكّ الفصيل ما في ضرع أمه وامتقّ ، وتمقّق وتمكّك : إذا شربه كلّه. فالأظهر فيه أن تكون القاف بدلا من الكاف ، لما ذهب إليه أبو عليّ ، لأنه قال : من هذا أخذ اسم مكّة ، لأنها كالمجرى للماء ، فهو ينجذب إليها. قال : فأما موضع الطواف ، فهو بكّة ، بالباء ، لأنه من الازدحام.
وقرأت عليه ، عن أبي الحسن عليّ بن سليمان ، عن أبي العباس ، عن أبي الفضل الرّياشي ، في نوادر أبي زيد :
تبكّ الحوض علّاها ونهلى |
|
ودون زيادها عطن منيم (٢) |
فقول الجميع مكة ولم يقولوا : مقّة ، يقوّي أن الكاف هو الأصل. فأما قولهم : مققت الشيء : إذا فتحته ، فليس من امتقّ في شيء ، فيحكم بأنه من معناه. وكذلك قولهم للرجل الطويل : أمقّ ، لا نسبة بينه وبين امتقّ في المعنى.
__________________
(١) كشطت : يقال كشط الشيء عن الشيء أي أزاله عنه ، وكشطت أي ذهب ما تغطيه وتواريه.
(٢) البيت ذكره صاحب اللسان ونسبه إلى عاهان بن كعب بن عمرو بن سعد ، ويقال له أيضا : غامان في الأصل. تبك : أي تزدحم. علاها : علّ علا ، عللا : أي شرب ثانية أو تباعا. نهلى : أي ورودي لكي أشرب الشربة الأولى ، أو الشرب الأول. عطن : العطن واسع الصبر والحيلة عند الشدائد. مادة (ع ط ن) اللسان (٤ / ٣٠٠٠). الشاهد في قوله : تبك. إعرابها : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.