باب السين
السين حرف مهموس ، يكون أصلا وزائدا.
فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما. فالفاء نحو : سلم وسلم ، والعين نحو : حسن وحسن ، واللام نحو : جرس وجرس.
وإذا كانت زائدة ففي استفعل وما تصرّف منه ، نحو : استخرج ومستخرج.
واستقصى ويستقصي ، وهو مستقص.
واعلم أنّ العرب تقول : استخذ فلان أرضا. وفي ذلك عندنا قولان : أحدهما : أنه يجوز أن يكون أصله اتّخذ ، وزنه افتعل ، من قوله عزّ اسمه : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(١). ثم إنهم أبدلوا من التاء الأولى التي هي فاء افتعل سينا ، كما أبدلوا التاء من السين في ستّ ، لأن أصلها سدس ، فلما كانت التاء والسين مهموستين ، جاز إبدال كل واحدة منهما من أختها.
والقول الآخر : أنه يجوز أن يكون أراد استتخذ ، أي استفعل. فحذفت التاء الثانية ، التي هي فاء الفعل ، كما حذفت التاء الأولى من قولهم : تقى يتقي ، وأصله : اتّقى يتّقي ، فحذفت التاء الأولى التي هي فاء الفعل.
وأنشدنا أبو عليّ لخداش بن زهير (٢) :
تقوه أيها الفتيان إني |
|
رأيت الله قد غلب الجدودا (٣) |
أراد : اتّقوه.
__________________
(١) الآية من سورة الكهف. والمعنى : لو أردت أن تأخذ على ذلك العمل ـ وهو بناء الجدار ـ أجرا. والشاهد في الآية مجيء «اتخذ» على وزن افتعل.
(٢) خداش بن زهير بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة بن عامر ، من هوازن شاعر جاهلي مشهور. وبيت الشاهد رواه أبو زيد في نوادره ، ولم ينسبه ، ورواه ابن السكيت في «إصلاح المنطق» (ص ٢٨) ونسبه لخداش.
(٣) تقوه : اتقوه أي خافوا منه. الجدود : الأجداد وتروى الجنود. ـ الشرح : اتقوا الله أيها الشباب ، فالله قد أهلك من كان قبلكم. الشاهد : في «تقوه» فقد حذفت التاء الأولى من الفعل وأراد «اتقوه». إعراب الشاهد : اتقوه : فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو فاعل ، والهاء : ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.