باب الطاء
اعلم أن الطاء حرف مجهور مستعل ، يكون أصلا وبدلا ، ولا يكون زائدا.
فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : طبل وطحن ، والعين نحو : فطر وخطب ، واللام نحو : قرط وقرط. (١)
وأما البدل فإن تاء «افتعل» إذا كانت فاؤه صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء ، يقلب طاء البتة ، لا بد من ذلك ، كما لا بد من إعلال نحو : قال وباع البتة ، وذلك قولك من الصبر اصطبر ، ومن الضرب اضطرب ، ومن الطرد اطّرد ، ومن الظهر اظطهر بحاجتي.
وأما اطّرد فليس الإبدال فيه من قبل الإدغام ، وإنما هو لأن قبلها حرفا مطبقا ، ألا ترى إلى اصطبر واضطرب واظطهر مبدلا ولا إدغام فيه.
وأصل هذا كله اصتبر واضترب واطترد واظتهر ، ولكنهم لمّا رأوا التاء بعد هذه الأحرف ، والتاء مهموسة ، وهذه الأحرف مطبقة (٢) ، والتاء مخفتة ، قربوها من لفظ الصاد والضاد والطاء ، بأن قلبوها إلى أقرب الحروف منهن ، وهو الطاء ، لأن الطاء أخت التاء في المخرج ، وأخت هؤلاء الأحرف في الإطباق والاستعلاء ، وقلبوها مع الطاء طاء أيضا ، لتوافقها في الجهر والاستعلاء ، وليكون الصوت متفقا ، ومنهم من يقلب التاء إلى لفظ ما قبلها ، فيقول اصّضبر ومصبّر ، واضّرب ومضّرب ، واظّهر ومظّهر ، وقرأ بعضهم «أن يصّلحا» ، يريد يصطلحا.
ومنهم من إذا كانت الفاء ظاء أبدل التاء طاء ، ثم أبدل الظاء طاء ، وأدغم الطاء في الطاء ، فيقول اطّهر بحاجتي ، وظلمته فاطّلم ، وذلك لما بين الظاء والطاء من المقاربة في الإطباق والاستعلاء ، ومن أجاز هذا القول فقال اطّلم لم يجزه مع الصاد ولا مع الضاد ، لا تقول في اصطبر : اطّبر ، ولا في اضطرب : اطّرب. وذلك لأن
__________________
(١) قرط : قرّط الصبية ألبسها القرط ، وعلى فلان : أعطاه قليلا قليلا. مادة (قرط).
(٢) الإطباق : أن ترفع في النطق طرفي اللسان إلى الحنك الأعلى مطبقا فيفخم نطق الحرف ، وحروف الإطباق هي : «ص ، ض ، ط ، ظ». مادة (طبق). اللسان (٤ / ٢٦٣٧).