في الصاد طولا وصفيرا ، فلا تدغم هي ولا أختاها السين والزاي في الطاء ، ولا في أختيها الدال والتاء ، ولا في الظاء ولا أختيها الذال والثاء ، وهذا مشروح في فصل الإدغام.
وأما الضاد فلأن فيها طولا وتفشّيا ، فلو أدغمت في الطاء لذهب ما فيها من التفشّي ، فلم يجز ذلك ، كما لم يجز إدغام حروف الصفير (١) في الطاء ولا في أختيها ، ولا في الظاء ولا في أختيها ، لئلا يسلبهنّ الإدغام ما فيهن من الصفير.
على أن سيبويه قد حكى عن بعضهم على طريق الشذوذ : اطّجع في اضطجع ، وهذا شاذ لا يؤخذ به ، وينشد بيت زهير (٢) على أربع أوجه :
هو الجواد الذي يعطيك نائله |
|
عفوا ويظلم أحيانا فيظطلم (٣) |
ويروى : فيطّلم ، ويروى : فيظّلم ، وقد تقدم تفسير هذه الثلاثة ، والرابع : فينظلم ، وهذه ينفعل ، وليست من الضرب الأول ، ولا يلحق مثلها تغيير.
فأما ما قرأته على أبي عليّ عن أبي بكر ، عن أبي العباس ، عن أبي عثمان ، من قوله (٤) :
وفي كل حيّ قد خبطّ بنعمة |
|
فحقّ لشأش من نداك ذنوب (٥) |
__________________
(١) الصفير : صوت على درجة كبيرة من الرخاوة ، كالسين والزاي والصاد. اللسان (٤ / ٢٤٦٠)
(٢) زهير : هو زهير بن أبي سلمى واسم أبي سلمى ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن لام بن عثمان بن مزينة ، لزم هرم بن سنان وكان يمدحه وكان هرم يجزل له العطاء حتى أقسم أن يعطيه كلما رآه.
(٣) الجواد : الكريم السخي. النائل : ما ينال ويدرك. مادة (نيل). يصف الشاعر ممدوحه ـ هرم بن سنان ـ بأنه شخص جواد عفو يعطي بلا حساب وقد كان. والشاهد : شرحه المؤلف في المتن ووجهه.
(٤) علقمة بن عبدة التميمي الملقب بالفحل ، واسمه علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم ولقب بالفحل لأنه خلف امرأ القيس على زوجه.
(٥) خبطت بنعمة : أي أنعمت بنعمة وتفضلت بها. مادة (خ ب ط) اللسان (٢ / ١٠٩٤). الذنوب : الدلو ، والمراد هنا النصيب من النعمة. مادة (ذ ن ب) اللسان (٣ / ١٥٢٠). وشأس : أخوه. مادة (ش أس) اللسان (٤ / ٢١٧٦). ـ