وكذلك قول الشاعر :
فقدّدت الأديم لراهشيه |
|
وألفى قولها كذبا ومينا (١) |
فالكذب والمين واحد.
والفرق بين التطويل والحشو أن الحشو لفظ يتميز عن الكلام بانه إذا حذف منه بقي المعنى على حاله ، والتطويل هو أن يعبر عن المعاني بألفاظ كثيرة كلّ واحد منها يقوم مقام الآخر ، فأيّ لفظ شئت من تلك الألفاظ حذفته كان المعنى على حاله ، وليس هو لفظا متميزا مخصوصا كما كان الحشو لفظا متميزا مخصوصا ، يبين أن الحشو على ما قدّمناه من وصفه نحو قول أبي عديّ :
نحن الرّؤوس وما الرؤوس إذا سمت |
|
في المجد للأقوام كالأذناب (٢) |
فللأقوام هو الحشو ؛ لأن هذه اللفظة دون ألفاظ البيت هي التي إذا حذفت منه بقي المعنى بحاله ، والتطويل مثل حكيناه في قوله : الرجل المشهور بالفروسية والرّجلة والشجاعة والنجدة ، لأن هذه الألفاظ كلها بمعنى واحد ، فأنت إن شئت حذفت الرّجلة ، وإن شئت حذفت الشجاعة وإن شئت حذفت النجدة ، وإن حذفتهما معا بقي الكلام بحاله ، فهذا هو الفرق بين الحشو والتطويل ، وعلى أن الحشو في الأكثر إنما يقع في النظم لأجل الوزن ، وفي النثر لأجل تساوي الفصول أو الأسجاع ، ويجب أن يعتبر الكلام في التطويل والحشو والمساواة والإيجاز والإخلال بهذا الاعتبار وهو أن يتأمل الكلام المؤلف ، فإن كان المعنى فيه ناقصا غير مستوفى فذلك الإخلال ، وإن كان المعنى تاما فلا يخلو أن يكون في الألفاظ ما إذا حذفته بقي المعنى بحاله ، أو ليس في الألفاظ ما إذا حذف بقي المعنى بحاله. فإن كان فيها ما إذا حذف بقي المعنى ، فلا يخلو من أن
__________________
(١) البيت لعدي بن زيد في ديوانه ١٨٣ ، مغني اللبيب ٣٥٧ ، همع الهوامع ١٢٩ الدرر اللوامع ٢ / ١٦٧ ، معاهد التنصيص ٢ / ١٠٤.
(٢) الأديم : الجلد. الراهشان : عرقان في بطان الذراعين.