كلّ يوم تبدي صروف الليالي |
|
خلقا من أبي سعيد غريبا (١) |
وأمثال هذا للمتقدمين كثير.
وأما إذا ابتدىء بالمديح أو بغيره من الأغراض فالأحسن أن يكون الابتداء دالا على المعنى المقصود ، كما ابتدأ أبو الطيب المتنبي قصيدته التي مدح بها سيف الدولة واعتذر له عن ظفر الروم بجيشه وقتلهم وأسرهم جماعة منهم ، فقال :
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع |
|
إن قاتلوا جبنوا أو حدّثوا شجعوا (٢) |
فابتدأ بغرضه من أول القصيدة.
ومن الصحة صحة التفسير ، وهو أن يذكر مؤلف الكلام معنى يحتاج إلى تفسيره فيأتي به على الصحة من غير زيادة ولا نقص ، كقول الفرزدق :
لقد جئت قوما لو لجأت إليهم |
|
طريد دم أو حاملا ثقل مغرم |
لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا |
|
وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (٣) |
وهذا تفسير للأول موافق.
فأما فساد التفسير فكقول بعضهم (٤) :
فيا أيها الحيران في ظلم الدجى |
|
ومن خاف أن يلقاه بغي من العدى |
تعال إليه تلق من نور وجهه |
|
ضياء ومن كفيه بحرا من الندى |
فإن هذا الشاعر لمّا قدم في البيت الأول الظلم وبغي العدى كان الوجه في التفسير
__________________
(١) أبو سعيد هو محمد بن يوسف الثغري ، وصروف الليالي : حوادثها ونوائبها.
(٢) «ديوان المتنبي» ص (٢ / ٦٢).
(٣) الوشيج : شجر الرماح. وانظر «ديوان الفرزدق» ص (٢ / ٣٠٤).
(٤) «نقد الشعر» لقدامة بن جعفر : ٢٠٣.