فإنه لو لم يقل : ظالمين ، لكان للمعترض عليه أن يقول : إنما ضربت هذه الخيل لبطئها ، كما عابوا قول امرىء القيس :
فللزّجر ألهوب وللسّاق درّة |
|
وللسوط منها وقع أخرج مهذب (١) |
وقالوا : إذا أحوج إلى هذا كله فليس بسريع ، فقال عبد الله : (ظالمين) تحرزا من هذا الطعن.
ومن هذا أيضا قول أبي عبادة :
أقمنا أكلنا أكل استلاب |
|
هناك وشربنا شرب بدار (٢) |
وكأنّه خاف أن يقال : هذا الذي فعلتم سخف ، فقال :
ولم يك ذاك سخفا غير أني |
|
رأيت الشّرب سخفهم وقار (٣) |
وأما الاستدلال بالتمثيل فأن يزيد في الكلام معنى يدلّ على صحته بذكر مثال له ، نحو قول أبي العلاء :
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم |
|
والعذب يهجر للإفراط في الخصر (٤) |
فدلّ على أن الزيادة فيما يطلب ربما كانت سببا للامتناع منه ، بتمثيل ذلك بالماء الذي لا يشرب لفرط برده ، وإن كان البرد فيه مطلوبا محمودا.
ومنه أيضا قول أبي تمّام :
أخرجتموه بكره من سجّيته |
|
والنار قد تنتضى من ناضر السّلم (٥) |
__________________
(١) الهوب : زجر بالسوط. درّة : دفعة.
(٢) «ديوان البحتري» (٢ / ٢٨١).
(٣) «ديوان البحتري» (٢ / ٢٨١). الشرب : الشاربون. بدار : يبادرون إلى الشرب.
(٤) شروح سقط الزند ١٢٠ ، معاهد التنصيص ٢ / ٩٧ وهو بلا نسبة في تاج العروس ١١ / ١٧٠.
(٥) «ديوان أبي تمام» ٣ / ١٨٩.