وقد يذهب كثير ممن يختار الشعر إلى تفضيل ما يوافق طباعه وغرضه ، ويذهب قوم إلى اختيار ما لم يتداول منه ، حتى يكون للوحشي الذي لم يشتهر مزية عندهم على المعروف المحفوظ ، ويخالفهم آخرون فيختارون سائر الشعر على خامله ، ومشهوره على مجهوله ، ويستحسن قوم الشعر لأجل قائله ، فيختارون أشعار السادات والأشراف ورؤساء الحروب ومن يوافقهم في النحلة والمذهب ، ويمت إليهم بالمودة أو النسب ، وهذه كلها أقوال صادرة عن الهوى ، ومقصورة على محض الدعوى ، من غير دليل يعضدها ولا حجة تنصرها والطريق الذي يؤدي إلى المقصود من معرفة المختار في الألفاظ والمعاني هو ما ذكرناه ونبهنا عليه ، ومن تأمله علم الإصابة فيه بمشيئة الله وعونه.