فله في ذكر ـ عقرقس ـ عذر واضح ، لأنه الموضع الذي شاهد به قتاله ، وليس يحسن أن يذكر موضعا غيره ولم يحمد فيه ، وهذا ليس بموجب حسن اللفظة ، ولكنه يبسط عذر ناظمها حسب ، ومن هذه الألفاظ المذكورة قول عنترة :
شربت بماء الدّحرضين فأصبحت |
|
زوراء تنفر عن حياض الدّيلم (١) |
ولعل عنترة أراد ذكر الماء المشروب على الحقيقة ، وإلا لو أمكنه أن يذكر اسم مورد من الموارد يجري هذا المجرى كان أحسن وأليق ، وأمّا قول الكميت :
وأدنين البرود على خدود |
|
يزيّنّ الفداغم بالأسيل (٢) |
فإن الفداغم كلمة رديئة كما ترى.
ومن الوحشي قول امرىء القيس بن حجر :
وسن كسنّيق سناء وسنّم (٣)
فإن هذا على ما ذكر لم يعرفه الأصمعي ولا أبو عمرو ، وقال أبو عمرو : هو بيت مسجديّ ، يريد من عمل أهل المسجد ، وقال غيرهما : سنّيق جبل ، وسنّم هي البقرة ، فأما السنّ فالثور.
ومن هذا أيضا قول العجّاج (٤) :
وفاحما ومرسنا مسرّجا
__________________
(١) شرح ديوان عنترة ص ١٨٨. ضمير شربت للناقة ، والد حرضان : ماءان ، وزوراء : مائلة من النشاط ، والديلم : ماء لبني سعد ، يعنى أنها تنفر عنها لأنها تخافها لعداوة أو نحوها.
(٢) الفداغيم : جمع فدغم ؛ وهو الخد الحسن الممتلىء ، والأسيل : الأملس ؛ يعني الوجه. وهو للكميت في «ديوانه» ٢ / ٦٥.
(٣) «شرح ديوان امرىء القيس» ص ١٢٩ وتمامه هو :
ذعرت بمدلاج الهجير نهوض
السن : الثور الوحشي ، كسنيق : كالجبل. سناء : رفعة. سنّم : بقرة وحشيّة
(٤) الرجز للعجاج في «ديوانه» (٢ / ٣٤) و «لسان العرب» (٢ / ٢٩٨) و «تاج العروس» (٦ / ٣٦) و «جمهرة اللغة» ص ٤٥٨ ـ ٧٢٢) و «مجمل اللغة» (٣٧ / ١٣٨).