ولهذا كله اعتمد الحذاق من الشعراء على اختيار المنازل والنساء في الغزل ، وتجنبوا ما لا يحسن لفظه ، للشروط التي ذكرناها ، وعابوا قول جرير بن عطية :
وتقول بوزع قد دببت على العصا! |
|
هلّا هزئت بغيرنا يا بوزع (١) |
وذكروا أن الوليد بن عبد الملك قال له : أفسدت شعرك ببوزع ، وهجنوا اتباع الخليل بن أحمد (٢) له في هذا الاسم حين قال :
أم البنين وأسما |
|
ء والرّباب وبوزع |
واستقبحوا قول أبي تمام :
يقول أناس في حبيناء أبصروا |
|
عمارة رحلي من طريف وتالد (٣) |
وقالوا : ما الفائدة في ذكر حبيناء؟ وليس أبو تمام مضطرا إلى ذكر الموضع الذي قيل له فيه هذا ، وقد ذكروا أن الفرزدق أنكر على مالك بن أسماء بن خارجة (٤) وقد أنشده :
حبّذا ليلتي بتل بونّى
وقال : أفسدت شعرك بذكر ـ بونّى ـ قال له : ففي بونّى كان ذلك ، قال : وإن كان.
وأما قول أبي عبادة البحتري :
وأنا الشجاع وقد رأيت مواقفي |
|
بعقرقس والمشرفيّة شهّدى (٥) |
__________________
(١) «ديوان جرير» ص ٢٥٧ ، وقد ورد بصيغة أخرى :
هزئت بويزع إذ دببت على العصا
(٢) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ أبو عبد الرحمن ، من أئمة اللغة والأدب ، واضع علم العروض ، وهو أستاذ سيبويه النحوي ، ولد في البصرة سنة «١٠٠» هجرية وتوفي فيها سنة ١٧٠ هجرية. ومن كتبه «معجم العين».
(٣) «ديوان أبي تمام» ٢ / ٥ في مدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني. ورواية الديوان : «عاينوا عمارة» وحبيناء اسم موضع.
(٤) مالك بن أسماء بن خارجة الغزاري ، من أشراف الكوفة ، ومن شعراء الغزل في العصر الأموي.
«معجم الشعراء» ص ٣٦٤ ، «الشعر والشعراء» ٢ / ٧٨٢.
(٥) «ديوان البحتري» ص (٢ / ٥٩). وفي المطبوع : وقد بدا لك موقض ، بدل وقد رأيت مواقض.