ولا لنفي المستقبل في قولك لا يفعل قال سيبويه وأما لا فتكون نفيا لقول القائل هو يفعل ولم يقع الفعل وقد نفي بها الماضي في قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى). وقوله :
فأيّ أمر سيء لا فعله (١)
وتنفي بها نفيا عاما في قولك : لا رجل في الدار وغير عام في قولك :
لا رجل في الدار ولا امرأة ولا زيد في الدار ولا عمرو. ولنفي الأمر في قولك لا نفعل ويسمى النهي والدعاء في قولك لا رعاك الله.
ولم ولما لقلب معنى المضارع إلى الماضي ونفيه إلا أن بينهما فرقا وهو أن لم يفعل نفي الفعل ولما يفعل نفي قد فعل وهي لم ضمت إليها ما فازدادت في معناها أن تضمنت معنى التوقع والإنتظار واستطال زمان فعلها ألا ترى أنك تقول ندم ولم ينفعه الندم أي عقيب ندمه وإذا قلته بلما كان على معنى أن لم ينفعه إلى وقته ويسكت عليها دون أختها في قولك خرجت ولما أي ولما يخرج كما تسكت على قد في وكأن قد.
__________________
(١) هو لعبد المسيح بن عسلة يذكر الحارث بن أبي شمر الغساني وكان إذا أعجبته امرأة من قيس أرسل اليها فاغتصبها. وقبله.
لا هم ان الحارث بن جبله |
|
زنى على أبيه ثم قتله |
وركب الشادخة المحجلة |
|
وكان في جاراته لا عهد له |
اللغة زنى أي ضيق. والشادخة الغرة. والمحجلة من التحجيل وهو بياض في قوائم الفرس.
الاعراب أي مبتدأ. وأمر جر بالاضافة إليه. وسيء صفة أمر. ولا نافية. وفعله فعل ماض فاعله ضمير يعود إلى الحارث. والهاء مفعوله. والضمير يعود إلى الأمر السيء. والجملة خبر المبتدأ (والشاهد فيه) مجيء لا لنفي الماضي وانما الأصل فيها نفي ما يتوقع حصوله (والمعنى) ان هذا الرجل ضيق على أبيه ثم عدا عليه فقتله وركب الخطة الشنعاء التي تشتهر في الناس اشتهار الغرة في الوجه والتحجيل في القوائم بانتهاك حرمة جاراته وانه لم يترك أمرا منكرا إلا فعله.