ممّا الفعل فيه محقّق الوقوع ، وقوله [من الطويل] :
٢٩ ـ أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا |
|
جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم |
قالوا : وليست شرطيّة ، لأن الشّرط مستقبل ، وهذه القصّة قد مضت.
وأجاب الجمهور عن قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٥٧] بأنه شرط جيء به للتّهييج والإلهاب ، كما تقول لابنك : «إن كنت ابني فلا تفعل كذا».
وعن آية المشيئة بأنّه تعليم للعباد كيف يتكلّمون إذا أخبروا عن المستقبل ، أو بأن أصل ذلك الشرط ، ثم صار يذكر للتبرّك ؛ أو أن المعنى لتدخلنّ جميعا
______________________________________________________
بنصب نحو عطفا على المنصوب المتقدم (مما الفعل) الواقع (فيه) بعد إن الشرطية (محقق الوقوع) فلا يصلح أن يكون شرطا لما علمته قبل هذا (و) جعلوا من ذلك أيضا (قوله :
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا |
|
جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم) (١) |
على رواية من رواه بإن المكسورة وحزتا بحاء مهملة وزاي قطعتا ، وجهارا بكسر الجيم ، أي : مجاهرة غير سر (قالوا : وليست) إن فيه (شرطية لإن الشرط) الذي يقع بعدها (مستقبل وهذه القصة) وهي حز أذني قتيبة جهارا (قد مضت ، وأجاب الجمهور) عن جميع ما تقدم فأجابوا (عن قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٥٧] بأنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب كما تقول : لابنك إن كنت ابني فلا تفعل كذا) وفي ذلك من التهييج له على أن لا يفعل ذلك المنهي عنه ما لا يخفى ، وهذه نكتة لإبراز مثل هذا المحقق الواقع في قالب المعدوم المشكوك في وقوعه ، فلا حاجة إلى جعل الأداة غير شرطية ، بل جعلها كذلك تذهب هذه النكتة.
(و) أجابوا (عن آية المشيئة) وهي (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ) [الفتح : ٢٧] (بأنه تعليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل) متأدبين بأدب الله تعالى مقتدين بسنته ، روى الواحدي عن أحمد بن يحيى أنه قال : استثناء الله فيما يعلم واستثناء الخلق فيما لا يعلمون ، وأمر بذلك في قوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً ٢٣ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الكهف : ٢٣ ـ ٢٤] (أو بأن ذلك الشرط ثم صار يذكر للتبرك) وبهذا يجاب عن الحديث (أو أن المعنى لتدخلن جميعا
__________________
ـ ـ الطهارة ، باب حلية الوضوء (١٥٠) ، وأبو داود كتاب الجنائز ، باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها (٣٢٣٧) ، وأحمد (٧٩٣٣).
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق ، انظر ديوانه ٢ / ٣١١ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٠.