سمع سيبويه رجلا يقال له : «أتخرج إن أخصبت البادية»؟ فقال : «أأنا إنيه»؟ منكرا أن يكون رأيه على خلاف ذلك ، وزعم ابن الحاجب أنها تزاد بعد الإيجابيّة ، وهو سهو ، وإنما تلك أن المفتوحة.
وزيد على هذه المعاني الأربعة معنيان آخران ، فزعم قطرب أنها قد تكون بمعنى «قد» ، كما مرّ في : (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) [الأعلى : ٩] وزعم الكوفيّون أنها تكون بمعنى «إذا» ، وجعلوا منه : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٥٧] ، (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [الفتح : ٢٧] ، وقوله عليه الصلاة والسّلام : «وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون» ، ونحو ذلك
______________________________________________________
(سمع سيبويه رجلا يقال له : أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال : أأنا إنيه منكرا أن يكون رأيه على خلاف ذلك) وهذا يحتمل أن تكون مدة الإنكار اجتلبت بعد زيادة إن فتكون المدة ياء لأنك تكسر النون لالتقاء الساكنين ، فلا يكون الزائد إلا ياء ويحتمل أن تكون المدة اجتلبت قبل زيادة أن فتكون المدة ألفا للحاقها بعد فتحة نون الضمير ، والأصل آأناه ، ثم زيدت أن بين النون والألف فالتقى ساكنان فكسر أولهما نون أن المزيدة فانقلبت الألف ياء ، (وزعم ابن الحاجب أنها تزاد بعد لما الإيجابية ، وهو سهو وإنما تلك في أن المفتوحة) الهمزة وجزم المصنف بالسهو من غير تثبت يستند إليه غير مناسب ، فابن الحاجب إمام ثقة وقد نقل هذا الحكم فيقبل ولا يدفع بمجرد السهو ، ولم أر أحدا من شارحي كلامه انتقد ذلك عليه ، وفهم الأئمة النقاد بل أقروا ذلك ولم يتعقبوه ، وقال الرضى : زيادة المفتوحة بعد لما هي المشهورة تقول : لما أن جلست جلست فتحا وكسرا والفتح أشهر.
(وزيد على هذه) المعاني الأربعة (معنيان آخران فزعم قطرب) وهو أبو علي محمد بن المستنير البصري أحد تلامذة سيبويه ، ويقال إنه هو الذي لقبه بقطرب لمباكرته إياه في الأسحار ، قال له يوما : ما أنت إلا قطرب الليل ، والقطرب دويبة تستريح بالنهار وتسعى بالليل (إنها) أي : إن المكسورة (قد تكون بمعنى قد كما مر في (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) [الأعلى : ٩]) ومر ما في ذلك من لكلام ، (وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى إذ) التعليلية (وجعلوا منه (اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٥٧]) أي : لأجل كونكم مؤمنين فهي بمعنى إذ التي ترد للتعليل ، وقوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ) [الفتح : ٢٧] وهذا موضع العطف ، ولكن المصنف تركه وقد مر التنبيه على مثله (وقوله عليه الصلاة والسّلام : (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) (١) ، ونحو : ذلك)
__________________
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الطهارة ، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (٢٤٩) ، والنسائي ، كتاب