فاستكان سيبويه.
فأمر له يحيى بعشرة آلاف درهم فخرج إلى فارس ، فأقام بها حتى مات ، ولم يعد إلى البصرة.
فيقال : إن العرب قد أرشوا على ذلك ، أو إنهم علموا منزلة الكسائيّ عند الرشيد.
ويقال : إنهم قالوا : القول قول الكسائي ، ولم ينطقوا بالنصب ، وإن سيبويه قال ليحيى : مرهم أن ينطقوا بذلك ، فإنّ ألسنتهم لا تطوع به. ولقد أحسن الإمام الأديب أبو الحسن حازم بن محمّد الأنصاري القرطاجنّي إذ قال في منظومته في النحو حاكيا هذه الواقعة والمسألة [من البسيط] :
______________________________________________________
فاستكان سيبويه) أي خضع أو تحول من كون البسط إلى كون القبض (فأمر له يحيى بعشرة آلاف درهم فخرج إلى فارس) وهي بلاد الفرس ، لك فيها الصرف وتركه (فأقام بها حتى مات ولم يعد إلى البصرة ، فيقال إن العرب أرشوا على ذلك) أي : دفعت لهم رشوة على إظهار موافقة الكسائي (أو) فعلوا ذلك (أنهم) أي : لأجل أنهم (علموا منزلة الكسائي عند الرشيد) فقصدوا التقرب إليه (ويقال : إنهم إنما قالوا : القول قول الكسائي ولم ينطقوا بالنصب وإن سيبويه قال ليحيى : مرهم أن ينطقوا بذلك فإن ألسنتهم لا تطوع به) والله أعلم بحقيقة الحال في ذلك كله (ولقد أحسن الإمام الأديب الأريب أبو الحسن حازم بن محمد الأنصاري ؛ إذ قال في منظومته في النحو حاكيا هذه الواقعة والمسألة) وأقول : هو حازم بن محمد بن حسن بن حازم الأنصاري القرطاجني ، بقاف مفتوحة فراء ساكنة فطاء مهملة فألف فجيم مفتوحة فنون فياء نسبة ، من قرطاجنة الأندلس لا من قرطاجنة تونس ، كان إماما بليغا ريانا من الأدب نزل بتونس ، وامتدح بها المنصور صاحب إفريقية أبا عبد الله محمد ابن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص ، ومات سنة أربع وثمانين وستمائة ، أخبرني بالموجود من هذه القصيدة إجازة شيخنا قاضي القضاة ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون المالكي ، قال : أخبرني المحدث العلامة أبو محمد عبد المهيمن بن محمد بن محمد عبد المهيمن الحضرمي قال : أخبرني ابن رشيد قال : أنشدني حازم ، وأخبرني بذلك أعلى من هذا شيخنا مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم الكافي الحنفي والشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الغماري المالكي رحمهماالله تعالى ، قالا : أخبرنا الشيخ أثير الدين أبو حيان قال : أنشدنا حازم المذكور ، والموجود من هذه القصيدة نحو مائتين وعشرين بيتا وأولها.
الحمد لله معلي قدر من علما |
|
وجاعل العقل في سبل الهدى علما |
ثم الصلاة على الهادي لسنته |
|
محمد خير مبعوث به اعتصما |