في تصيير الفاعل مفعولا ، وأكثر ما تعدّي الفعل القاصر ، تقول في «ذهب زيد» : «ذهبت بزيد» ، و «أذهبته» ، ومنه : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧] ، وقرىء (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)] ، وهي بمعنى القراءة المشهورة ، وقول المبرد والسهيلي «إن بين التّعديتين فرقا ، وإنك إذا قلت : «ذهبت بزيد» كنت مصاحبا له في الذهاب» مردود بالآية ،
______________________________________________________
في تصيير الفاعل مفعولا) وفسرها بذلك ؛ ليعلم أن مراده بالتعدية هنا أن يضمن الفعل معنى التصيير ؛ احترازا من التعدية بالمعنى الآخر ، فإنهم يطلقونها على توصيل العامل إلى المعمول بواسطة الحرف ، وهي بهذا المعنى لا خصوصية لها بالباء بل هي متحققة في جميع حروف الجر غير الزائدة ، وما هو في حكم الزائد ، وقال ابن مالك في ضابطها : هي الداخلة بعد الفعل اللازم قائمة مقام الهمزة في إيصالها إلى المفعول ، واعترضه أبو حيان بأنها قد وردت مع المتعدي في قولهم : صككت الحجر بالحجر ودفعت بعض النّاس ببعض ، وكأن المصنف عدل عن ضابط ابن مالك إلى ما قاله هو ، ليشمل اللازم والمتعدي ، فإن قيل هو وإن شملهما لا يشمل هذين المثالين ونحوهما ؛ لأن الباء داخلة فيهما على ما كان مفعولا ؛ إذ الأصل صك الحجر الحجر ودفع بعض الناس بعضا فالجواب أنا لا نسلم أن هذا هو الأصل ، بل الأصل صك الحجر الحجر ودفع بعض الناس بعض بتقديم المفعول ، ثم دخلت باء التعدية على ما هو الفاعل في الأصل ، والمعنى أن المتكلم صير ما دخلت عليه الباء صاكا أو دافعا للمجرد منها (وأكثر ما تعدى) أي : ما تعديه فحذف العائد وما عبارة عن الأفعال ، أي : وأكثر الأفعال التي تعديها الباء (الفعل القاصر تقول في ذهب زيد : ذهبت بزيد وأذهبت زيدا ومنه (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧]) أي : أذهب نورهم وأزالهم (وقرىء) في الشواذ (أذهب الله نورهم) وهي بمعنى القراءة المشهورة (وقول المبرد والسهيلي إن بين التعديتين فرقا ، وإنك إذا قلت ذهبت بزيد كنت مصاحبا له في الذهاب) بخلاف ما إذا قلت أذهبت زيدا فإنه لا إشعار له بهذا المعنى (مردود بالآية) لاستحالة مصاحبة الله لنورهم في الذهاب ، قال السهيلي : لو كانت الباء كالهمزة في المعنى من غير زيادة لجاز أمرضته ومرضت به وأسقمته وسقمت به ، وأعميته وعميت به ، قياسا على أذهبته وذهبت به ، ويأبى الله ذلك والعلماء قال : وإنما الباء تعطي معنى التعدية طرفا من المشاركة في الفعل لا تعطيه الهمزة ، ثم أورد على نفسه هذه الآية وأجاب بأن النور والسمع كل بيده ، وقد قال بيده الخير وهذا من الخير الذي بيده وإذا كان بيده فجائز أن يقال : ذهب به على المعنى الذي يقتضيه قوله : بيده الخير كائنا ما كان ذلك المعنى ، ألا ترى أنه لما ذكر الرجس قال : ليذهب عنكم الرجس ، ولم يقل : يذهب به ، وكذا قال : ويذهب عنكم رجز الشيطان تعليما لعباده حسن الأدب معه ، حتى لا يضاف إليه شيء من الأرجاس وإن كانت خلقا له وملكا ، فلا