وأمّا قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) [البقرة : ٢٠] فيحتمل أن الفاعل ضمير البرق.
ولأن الهمزة والباء متعاقبتان لم يجز : «أقمت بزيد» ، وأما (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون : ٢٠] فيمن ضمّ أوّله وكسر ثالثه ، فخرج على زيادة الباء ، أو على أنها للمصاحبة ، فالظرف حال من الفاعل ، أي مصاحبة للدّهن ، أو المفعول ، أي : تنبت الثمر مصاحبا للدهن ، أو
______________________________________________________
يقال فيها على الخصوص هي بيده تحسينا للعبارة وتنزيها له ، وفي مثل السمع [و] البصر والنور يحسن أن يقال : هي بيده فحسن أن يقال : ذهب الله بنورهم هذا كلامه ، وفيه بحث وذلك أن السمع والبصر مثلا من الأعراض فلا يصح انتقالهما فذهابهما عدمهما ، والعدم في حق الله سبحانه وتعالى محال ، فكيف يصح أن يقال في الذهاب المسند إليه : إن المراد به العدم مع استحالته عليه ، وقد درج الزمخشري في «الكشاف» على الفرق بين التعديتين ، فقال في سورة البقرة والفرق بين أذهبه وذهب به أن معنى أذهبه أزاله ، ويقال : ذهب به إذا استصحبه ومضى به معه ، وقال في سورة النساء في قوله تعالى : (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) [النساء : ١٩] إذا عدي بالباء فمعناه الأخذ والاستصحاب كقوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) [يوسف : ١٥] وأما الإذهاب فكالإزالة ، وقرر جدي قاضي القضاة ناصر الدين بن المنير في تفسيره هذا الفرق ، وارتضاه قال : ومن ثم فرق الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في النذر بين أن يقول : إن فعلت كذا فأنا أحج فلانا أو أحج به ، فألزمه في الثانية أن يحج بنفسه وأن يحج معه صاحبه ، بخلاف الأولى فله أن يصاحبه وله أن يقعد.
(وأما قوله) تعالى ((وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) [البقرة : ٢٠] فيحتمل أن الفاعل ضمير البرق) فلا ينتهض مع هذا الاحتمال ردا على السهيلي (ولأن الهمزة والباء متعاقبتان) على الكلمة في التعدية ، فإذا وجدت إحداهما فقدت الأخرى ولا يجتمعان (لم يجز أقمت بزيد) بالجمع بين الهمزة والباء ، ولما كان هناك مظنة سؤال تقريره أن يقال : لا شك أن نبت لازم تقول نبت الزرع ويعدى بالهمزة فيقال : أنبته الله ، ومع ذلك اجتمع الحرفان المعديان في قوله تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون : ٢٠] إذ هو في قراءة من جعله من الرباعي مضارع أنبت المتعدي بالهمزة ، أجاب المصنف على ذلك بقوله : (فأما تنبت بالدهن فيمن ضم أوله وكسر ثالثه) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والباقون على فتح الأول وضم الثالث ، مضارع نبت ولا سؤال عليه (فخرج على زيادة الباء) في المفعول وليست الزيادة في مثل هذا بمقيسة كما ستعرفه ، فلا ينبغي التخريج على ذلك (أو على أنها للمصاحبة فالظرف حال الفاعل) وهو الضمير المستتر في تنبت العائد على الشجرة (أي :) تنبت هي (مصاحبة للدهن أو) حال