أن «أنبت» يأتي بمعنى «نبت» ، كقول زهير [من الطويل] :
١٤٤ ـ رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم |
|
قطينا لها حتّى إذا أنبت البقل |
ومن ورودها مع المتعدّي قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) [البقرة : ٢٥١] و «صككت الحجر بالحجر» ، والأصل : دفع بعض الناس بعضا ، وصكّ الحجر الحجر.
الثالث : الاستعانة ، وهي الداخلة على آلة الفعل ، نحو «كتبت بالقلم» ، و «نجزت بالقدوم».
______________________________________________________
(المفعول) المحذوف (أي : تنبت الثمر مصاحبا للدهن ، أو) على (أن أنبت بمعنى نبت) فليست الهمزة معدية ، حتى يضر اجتماعها مع الباء (كقوله) أي قول زهير :
(رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم |
|
قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل) (١) |
أي : نبت البقل قال صاحب «الصحاح» يقال : نبتت الأرض وأنبتت بمعنى ، ونبت البقل وأنبت بمعنى وأنشد البيت ، والقطين الخدم والأتباع يستوي فيه الواحد وغيره ، والبيت شاهد عليه ومنه قول جرير :
هذا ابن عمي في دمشق خليفة |
|
لو شئت ساقكم إلى قطينا (٢) |
(ومن ورودها) أي : ورود باء التعدية (مع) الفعل (المتعدي) قولهم : (دفع الله بعض الناس ببعض ، وصككت الحجر بالحجر) فإن كلا من دفع وصك متعد قبل دخول الباء إلى واحد (والأصل) قبل الإتيان بباء التعدية (دفع بعض الناس بعضا ، وصك الحجر الحجر) بتقديم الفاعل ، وقد عرفت السؤال الوارد عليه والجواب عنه ، ولو قال : إن الأصل دفع بعض الناس بعض وصك الحجر الحجر لكان حسنا ، ولم يتوجه ذلك السؤال.
(الثالث) من معاني الباء الأربعة عشر (الاستعانة وهي الداخلة على آلة الفعل نحو كتبت بالقلم ونجرت بالقدوم) وفي «القاموس» والقدوم آلة للنجر مؤنثة ، وفي «الصحاح» والقدوم الذي ينحت به مخففا ، قال ابن السكيت : ولا تقل : قدوم بالتشديد وظاهر كلامه أنه مذكر ، وقد أسقط ابن مالك الاستعانة وأدرجها في السببية ، قال : لأن مثل هذه الباء واقعة في القرآن ولا يجوز
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١١١ ، وخزانة الأدب ١ / ٥٠ ، ولسان العرب ٢ / ٩٦ (بنت).
(٢) البيت من البحر الكامل ، وهو لجرير في ديوانه ص ٣٨٨ ، ولسان العرب ١٣ / ١٢ (أذن) ، واللمع ص ١٤٦.