وقوله [من الرجز] :
١٤٥ ـ قد سقيت آبالهم بالنّار |
|
[والنّار قد تشفي من الأوار] |
أي : أنها بسبب ما وسمت به من أسماء أصحابها يخلّى بينها وبين الماء.
الخامس : المصاحبة ، نحو : (اهْبِطْ بِسَلامٍ) [هود : ٤٨] ، أي : معه ، (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ) [المائدة : ٦١] الآية.
وقد اختلف في الباء من قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [النصر : ٣] فقيل : للمصاحبة ، و «الحمد» مضاف إلى المفعول ،
______________________________________________________
والثاني : أنها للظرفية أي : لقيت في زيد الأسد كذا قال الشيخ بهاء الدين السبكي ، قلت : وقد عدوا مثل قوله :
شوهاء تعدو بي إلى صارخ الوفاء |
|
بمستلئم مثل العتيق المرجل |
من التجريد والباء فيه للمصاحبة وسيأتي الكلام عليه (و) نحو (قوله : قد سقيت آبالهم بالنار) (١).
والإبال جمع إبل (أي : إنها) بكسر الهمزة ؛ لأنه يفسر الجملة المذكورة يريد أن معنى البيت هو معنى قولك : إنها (بسبب ما وسمت به من أسماء أصحابها يخلي بينها وبين الماء) وهذا ليس بمتعين في البيت ، لجواز أن تكون الباء فيه للاستعانة.
(والخامس) من المعاني الأربعة عشر (المصاحبة) ولها علامتان إحداهما أن يحسن في موضعها «مع» (نحو (اهْبِطْ بِسَلامٍ) [هود : ٤٨] أي : معه) ونحو ((وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ) [المائدة : ٦١] الآية) يعني قوله : (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) [المائدة : ٦١] فالتمثيل بها من وجهين أي : وقد دخلوا مع الكفر وهم قد خرجوا معه ، والعلامة الأخرى أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال فالتقدير في الآية الأولى اهبط مسلما عليك ، وفي الثانية وقد دخلوا كافرين وهم قد خرجوا كذلك ، ولصلاحية وقوع الحال موقعها سماها كثير من النحويين باء الحال ، فإن قلت : ظاهر هذا أنها لا تكون إلا ظرفا مستقرا قلت : الأمر كذلك ولكن قال الرضي : والظاهر أنه لا منع من كونها لغوا (وقد اختلف في الباء من قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [الحجر : ٩٨] فقيل : للمصاحبة والحمد مضاف إلى المفعول) والفاعل هو المخاطب ،
__________________
(١) البيت من البحر السريع ، وهو بلا نسبة في المثل السائر ٢ / ٢١٣ ، ومجمع الأمثال ٢ / ٣٣٨ ، ولسان العرب مادة (نور).