ونحو : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) (٣٠) [المطففين : ٣٠] بدليل (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) [الصافات : ١٣٧] وقد مضى البحث فيه ، وقوله [من الطويل] :
١٤٧ ـ أربّ يبول الثّعلبان برأسه
بدليل تمامه :
لقد ذل من بالت عليه الثّعالب
______________________________________________________
فعدى الفعل المذكور بعلى في موضعين (ونحو (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) (٣٠) [المطففين : ٣٠]) على رأي الأخفش (بدليل (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ)) (وقد مضى البحث عن هذا) بما يقتضي أن تكون الباء في مروا بهم للإلصاق المجازي ، وعلى في لتمرون عليهم للاستعلاء المجازي ، ولا يقال فيه : إن الباء بمعنى على ؛ لأنه أمر لا داعي إليه ولما يلزم عليه من التجوز من وجهين (و) نحو قوله :
(أرب يبول الثعلبان برأسه) (١)
الهمزة فيه للإنكار والباء بمعنى على أي : على رأسه (بدليل تمامه) أي : تمام البيت وهو قوله :
(لقد ذل من بالت عليه الثعالب)
فعدى الفعل بعلى ، وهذا البيت أنشده الكسائي وجماعة بضم الثاء واللام والنون من الثعلبان ، وهو ذكر الثعالب قيل : وهو وهم فقد رواه أبو حاتم الرازي الثعلبان بفتح الثاء واللام وكسر النون على أنه تثنية ثعلب ، وذكر أن بني ثعلب كان لهم صنم يعبدونه فبينما هو ذات يوم أقبل ثعلبان يشتدان فرفع كل منهما رجله وبال على الصنم ، وكان للصنم سادن يقال له غاوي بن ظالم فقال : البيت ثم كسر الصنم وأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له : «ما اسمك» فقال : غاوي بن ظالم فقال : «بل راشد بن عبد الله» (٢) ، وفي «نهاية الغريب» لابن الأثير أنه رجل كان له صنم وكان يأتي بالخبز والزبد فيضعه على رأسه فيقول : أطعم ، فجاء ثعلبان فأكلا الخبز والزبد ، ثم بالا على رأس الصنم ، وفي كتاب الهروي فجاء ثعلبان وأكلا الخبز والزبد ، أراد تثنية ثعلب اه. قال الحافظ بن ناصر : أخطأ الهروي في تفسيره وصحف في روايته ، وإنما
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للعباس بن مرداس في ملحق ديوانه ص ١٥١ ، وللعباس أو للغاوي بن ظالم السلمي أو لأبي ذر الغفاري في لسان العرب ١ / ٢٣٧ (تعلب) ، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ١٠٣ ، ٢٩٠.
(٢) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٥ / ٩٢.